للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (ووضعِ الأشياء مواضعَها، وتعليقِها بأحايينها، وإخفائها في رسومها)، هذه ثلاثة أشياء: المكان، والزَّمان، والمادَّة، التي لابدَّ لكلِّ مخلوقٍ منها؛ فإنَّ المخلوقَ لابدَّ له من زمانٍ يوجد فيه، ومكانٍ يستقرُّ فيه، ومادّةٍ يوجد بها؛ فأشار إلى الثَّلاثة. فالمواضع: الأمكنة. والأحايين: الأزمنة. والرُّسوم: الموادُّ (١) الحاملة لها. والرُّسوم: هي الصُّور الخلقيّة. وكأنّ الشَّيخ أراد بها هاهنا الأسباب، وأنّ الله سبحانه غطّى حقائق الأشياء عن أبصار الخلق بما يشاهدونه من تعلُّق المسبَّبات بأسبابها، فنسبوها إليها. فصاحبُ هذه الدّرجة شهِد كيف أظهر الرّبُّ سبحانه الأشياء في موادِّها وصورها، وأظهَرَها بأسبابها، وأخفى علمه وحكمه فيما أظهره من ذلك. فالظُّهور: للأسباب المشاهدة، والحقيقة للعلم والحكم السَّابقين.

قوله: (ويحقِّق معرفة العلل)، يريد أنَّ هذا التَّوحيدَ يحقِّق لصاحبه معرفة علل الأحوال والمقامات والأعمال. وهي عبارةٌ عن عوائق السّالك من نظرِه إلى السِّوى، والتفاته إليه. فهذه الدّرجةُ من التّوحيد عنده تحقِّق معرفة هذه العلل.

ويحتمل أن يريد بالعلل: الأسبابَ التي رُبطت بها الأحكام. فصاحبُ هذه الدّرجة يعرف حقيقتها ومرتبتها (٢) كما هي عليه، لأنّه قد صعد منها إلى مسبِّبها وواضعها.

قوله: (ويسلك سبيل إسقاط الحدث)، يريد أنّه في هذا الشُّهود وهذه


(١) ش، د: «والمواد».
(٢) ت: «ترتيبها».

<<  <  ج: ص:  >  >>