للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هدًى كان له من الأجر مثل أجور من اتَّبعه (١)، من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ" (٢).

واحتجُّوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الله وملائكته يصلُّون على معلِّمي الناس الخير" (٣)، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - "إنّ العالم ليستغفر له مَن في السّماوات ومن في الأرض، حتّى الحيتانُ في البحر، والنّملةُ في جُحْرها" (٤).

واحتجُّوا بأنّ صاحب العبادة إذا مات انقطع عمله، وصاحب النّفع لا ينقطع عمله، ما دام نفعه الذي تسبَّبَ إليه.

واحتجُّوا بأنّ الأنبياء عليهم السلام إنّما بُعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم ونفعهم في معاشهم ومعادهم، لم يُبعَثوا بالخلوات والانقطاع عن النّاس والتّرهُّب. ولهذا أنكر النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أولئك النّفر الذين همُّوا بالانقطاع للتّعبد وتركِ مخالطة النّاس. ورأى هؤلاء أنَّ التّفرُّقَ في أمر الله ونفعِ عباده والإحسانِ إليهم أفضَلُ من الجمعيَّةِ عليه بدون ذلك.

الصِّنف الرّابع قالوا: إنّ أفضلَ العبادة العملُ على مرضاة الرّبِّ تعالى في


(١) ش: "تبعه"، وفيها أيضًا: "أجورهم شيئًا" فيما يأتي.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٧٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٨٥) والطبراني (٨/ ٢٣٣، ٢٣٤) وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" (٢١٦) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٨٣) وغيرهم من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، ولفظه: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جُحْرها وحتى الحوت ليصلون على معلِّم الناس الخير". وفي إسناده لين.
(٤) هذا جزء من حديث أبي الدرداء الذي سبق تخريجه آنفًا، إلا أنه ليس فيه ذكر النملة، وإنما جاء ذلك في حديث أبي أمامة السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>