للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّنف (١) الثّالث: رأوا أنّ أفضل العبادات وأنفعها: ما كان فيه نفعٌ متعدٍّ، فرأوه أفضل من ذي النّفع القاصر. فرأوا خدمةَ الفقراء، والاشتغالَ بمصالح النّاس، وقضاءَ حوائجهم، ومساعدتَهم بالمال والجاه والنّفع= أفضَلَ. فتصدَّوا له، وعملوا عليه، واحتجُّوا بقول النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الخلقُ كلُّهم عيالُ الله. وأحبُّهم إلى الله أنفَعُهم لعياله" (٢).

واحتجُّوا بأنَّ عملَ العابد قاصرٌ على نفسه، وعمل النَّفَّاع متعدٍّ إلى الغير، وأين أحدهما من الآخر؟ قالوا: ولهذا كان فضلُ العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب (٣). وقد قال (٤) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه -: "لأن يهديَ الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حمر النَّعم" (٥). وهذا التّفضيل للنّفع المتعدِّي. واحتجُّوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من دعا إلى


(١) لفظ "الصنف" ساقط من ش.
(٢) أخرجه الحارث (٩٧٧ - المطالب العالية) وابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (٢٤) والبزار (١٣/ ٣٣٢) وأبو يعلى (٣٣١٥) والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠/ ٨٦) وغيرهم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -. ومدار الحديث على يوسف بن عطية، قال الحافظ في "المطالب العالية": "تفرد به يوسف وهو ضعيف جدًّا". وله شاهدان عن أبي هريرة وابن مسعود، ولكنهما واهيان أيضًا لا يُفرح بهما. انظر: "الضعيفة" (١٩٠٠، ٣٥٩٠، ٥٧٣٥).
(٣) يشير إلى حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - الذي أخرجه أحمد (٢١٧١٥) والدارمي (٣٥٤) وأبو داود (٣٦٤١، ٣٦٤٢) والترمذي (٢٦٨٢) وابن ماجه (٢٢٣) وابن حبان (٨٨) وغيرهم من طرق لا تخلو من مقال. ينظر تعليق محققي "المسند".
(٤) ج: "قالوا: وقد قال"، وكذا كان في الأصل ثم ضرب على "قالوا".
(٥) أخرجه البخاري (٢٩٤٢) ومسلم (٢٤٠٦) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>