للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارتباطُها بها كارتباط متعلَّق الصِّفات بالصِّفات كارتباط (١) المعلوم بالعلم، والمقدور بالقدرة، والأصوات بالسمع، والإحسان بالرحمة، والعطاء بالجود.

فمَن أنكر حقيقة الإلهيّة ولم يعرفها، كيف يستقيم له معرفةُ حكمة العبادات وغاياتها ومقاصدها وما شُرعت لأجله؟ وكيف يستقيم له العلمُ بأنّها هي الغاية المقصودة بالخلق، فلها خُلِقوا، ولها أُرسلت الرُّسل، وأُنزلت الكتب، ولأجلها خُلِقت الجنّة والنار؛ وأنّ فرضَ تعطيل الخليقة عنها نسبةُ الله (٢) إلى ما لا يليق به، ويتعالى عنه مَن خلق السّماوات والأرض بالحقِّ، ولم يخلقهما باطلًا، ولم يخلق الإنسان عبثًا ولم يتركه (٣) سدًى مهملًا. قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥] أي لغير شيءٍ ولا حكمةٍ، ولا لعبادتكم لي ومجازاتي لكم. وقد صرَّح تعالى بهذا في قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٤) [الذاريات: ٥٦]. فالعبادة هي الغايةُ التي خلق لها الجنّ والإنس والخلائق كلّها.


(١) ج: "وكارتباط"، وقد زاد بعضهم الواو في ق، ل أيضًا. وهو خطأ، فإن ما ذكر بعده من أمثلة ارتباط متعلَّق الصفات بالصفات. وقد خفي السياق على من زاد الواو.
(٢) م، ج، ع: "لله".
(٣) كان السياق في الأصل: " ... مِن خلقِ السماوات والأرض باطلًا ويخلق الإنسان عبثًا ويتركه"، وهو بيان ما لا يليق بالله ويتعالى عنه. ثم أصلح في المتن والهامش كما أثبت من النسخ الأخرى. و"مَن" في "من خلق السماوات ... " في هذا السياق فاعل "يتعالى".
(٤) ع: "ليعبدوني" على قراءة يعقوب من العشرة. انظر: "تحبير التيسير" (ص ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>