للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبُّ الله ورسوله وطاعةُ أمره.

ولا يكفي ذلك في العبوديّة حتّى يكون الله ورسوله أحبَّ إلى العبد ممّا سواهما، فلا يكون عنده شيءٌ أحبَّ إليه من الله ورسوله. ومتى كان عنده شيءٌ أحبَّ إليه منهما فهذا هو الشِّرك الذي لا يُغفَر لصاحبه البتّة، ولا يهديه الله. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤].

فكلُّ مَن قدَّم طاعةَ أحدِ هؤلاء (١) على طاعة الله ورسوله، أو قولَ أحدٍ منهم على قول الله ورسوله، أو مرضاةَ أحدٍ منهم على مرضاة الله ورسوله، أو خوفَ أحدٍ منهم ورجاءَه والتوكُّلَ عليه على خوف الله ورجائه والتوكُّل عليه، أو معاملةَ أحدٍ منهم (٢) على معاملة الله= فهو ممّن ليس اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممّا سواهما. وإن قاله بلسانه فهو كذبٌ منه، وإخبارٌ بخلاف ما هو عليه. وكذلك من قدَّمَ حكمَ أحدٍ على حكم الله ورسوله، فذلك عنده أحبُّ إليه من الله ورسوله.

لكن قد يشتبه الأمر على من يقدِّم قولَ أحدٍ أو حكمَه أو طاعتَه أو مرضاتَه ظنًّا منه أنّه لا يأمر ولا يحكم ولا يقول إلّا ما قاله الرّسول، فيطيعه، ويحاكم إليه، ويتلقَّى أقواله كذلك= فهذا معذورٌ إذا لم يقدِر على غير ذلك.


(١) ع: "أحدٍ من هؤلاء".
(٢) لم يرد "منهم" في ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>