للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحبُّ إذا ذلَّلَه، لكن أولياؤه خضعوا له وذلُّوا له طوعًا واختيارًا وانقيادًا لأمره ونهيه، وأعداؤه خضعوا له قهرًا ورغمًا.

ونظيرُ انقسام العبوديّة إلى خاصّةٍ وعامّةٍ: انقسامُ القنوت إلى خاصٍّ وعامٍّ، والسجود كذلك.

قال تعالى في القنوت الخاصِّ: {(٨) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: ٩]، وقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (١) [التحريم: ١٢]. وهو كثيرٌ في القرآن. وقال في القنوت العامِّ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [الروم: ٢٦]، أي خاضعون أذلّاء.

وقال في السُّجود الخاصِّ: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: ٢٠٦]. وقال: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)} [مريم: ٥٨]. وهو كثيرٌ (٢).

وقال في السُّجود العامِّ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (١٥)} [الرعد: ١٥]. ولهذا كان هذا السُّجود الكُرْهُ غيرَ السُّجود المذكور في قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ


(١) ع: "وقال في حق مريم: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} ".
(٢) في ع زيادة: "في القرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>