للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف الصَّبْر فإنّ الله أمر به في مواضع كثيرةٍ من القرآن (١). وكذلك التّوكُّل: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٣]. وأمر بالإنابة، فقال: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: ٥٤]. وأمر بالإخلاص كقوله: {أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: ٥]، وقوله: {(١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ} (٢) [غافر: ١٤]. وكذلك الخوف كقوله: {فَلَا تَخَافُوهُمْ واخْشَوْنِ} (٣) [آل عمران: ١٧٥]، وقوله: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَخَافُونِ} (٤) [المائدة: ٤٤]، وقوله: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: ٤٠]. وكذلك الصِّدق، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩]. وكذلك المحبّة، وهي أفرَضُ الواجبات، إذ هي قلبُ العبادة المأمور بها، ومخُّها وروحُها. وأمّا الرِّضا فإنّما جاء في القرآن مدحُ أهله والثّناءُ عليهم، لا الأمرُ به.

قالوا: وأمّا الأثر المذكور فإسرائيليٌّ، لا يحتجُّ به.

قالوا: وفي الحديث المعروف عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن استطعتَ أن تعمل لله بالرِّضا مع اليقين فافعل. فإن لم تستطع فإنَّ في الصَّبر على ما تكره النّفس خيرًا كثيرًا (٥) "، وهو في بعض "السُّنن" (٦).


(١) ع: "من كتابه".
(٢) في النسخ كلها: "فاعبدوا"، وهو سهو.
(٣) هكذا في النسخ: "وخافوني" بالياء على قراءة أبي عمرو وصلًا.
(٤) "واخشوني" أيضًا بالياء على قراءة أبي عمرو وصلًا.
(٥) ق، ع: "خير كثير"، والمثبت من غيرهما.
(٦) الذي في "بعض السنن" هو أصل هذا الحديث: "احفظ الله يحفظك ... "، فقد أخرجه الترمذي (٢٥١٦) وغيره من رواية حَنَش الصنعاني عن ابن عباس مرفوعًا، ولكن ليس فيه هذه الفقرة. وإنما أخرجه بهذه الزيادة هنَّاد في "الزهد" (٥٣٦) والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٢٧٤) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٩٥٢٨) من رواية عمر مولى غُفرة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وعمر مولى غفرة ضعيف، والحديث ضعَّفه الألباني في "الضعيفة" (٥١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>