للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وأمّا قولكم: "لا خلاص عن التسخُّط إلّا به"، فليس بلازمٍ، فإنّ مراتب النّاس في المقدور ثلاثةٌ: الرِّضا وهو أعلاها، والسُّخط وهو أسفلها، والصَّبر عليه بدون الرِّضا به وهو أوسطها. فالأولى للمقرَّبين السّابقين، والثّالثة للمقتصدين، والثّانية للظّالمين (١). وكثيرٌ من النّاس يصبر على المقدور فلا يتسخَّطه (٢)، وهو غير راضٍ به، فالرِّضا أمرٌ آخر.

وقد أشكل على بعض النّاس اجتماعُ (٣) الرِّضا مع التّألُّم، وظنّ أنّهما متنافيان، وليس كما ظنَّه. فالمريضُ الشّاربُ للدّواء الكريه متألِّمٌ به راضٍ به. والصّائمُ في نهار رمضان (٤) في شدّة الحرِّ متألِّمٌ بصومه راضٍ به. والبخيلُ متألِّمٌ بإخراج زكاته راضٍ بها. فالتّألُّمُ كما (٥) لا ينافي الصّبر، لا ينافي الرِّضا به.

وهذا الخلاف بينهم إنّما هو في الرِّضا بقضائه الكونيِّ. وأمّا الرِّضا به ربًّا


(١) ل، م، ج: "والثانية للمقتصدين، والثالثة للظالمين"، ومن ثم وضع بعضهم فوق "الثالثة" و"الثانية" في الأصل حرف الميم علامة المقدَّم والمؤخَّر، وهو غلط.
(٢) ع: "فلا يتسخَّط".
(٣) لفظ "اجتماع" ساقط من ش، وكان ساقطًا من الأصل أيضًا ثم استدرك في هامشه.
(٤) ع: "شهر رمضان".
(٥) ج: "كما أنه"، وقد زاد بعضهم "أنه" في هامش ق أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>