للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلهًا والرِّضا بأمره الدِّينيِّ، فمتّفَقٌ على فرضيّته. بل لا يصير العبد مسلمًا إلّا بهذا الرِّضا: أن يرضى بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّدٍ رسولًا (١).

ومن هذا أيضًا: اختلافهم في الخشوع في الصّلاة، وفيه قولان للفقهاء، وهما في مذهب أحمد وغيره. وعلى القولين اختلافُهم في وجوب الإعادة (٢) على من غلب عليه الوسوسة في صلاته. فأوجبها ابنُ حامدٍ من أصحاب أحمد (٣)، وأبو حامدٍ الغزاليُّ في "إحيائه" (٤). ولم يوجبها أكثر الفقهاء، واحتجُّوا بأنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر من سها في صلاته بسجدتي السّهو ولم يأمره بالإعادة مع قوله: "إنّ الشّيطان يأتيه في صلاته، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا حتّى يظلّ (٥) الرّجل إن يدري كم صلّى" (٦). ولكن لا نزاع أنّ هذه الصّلاة لا يثاب منها إلّا بقدر حضور قلبه وخشوعه، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ العبد لينصرف من الصّلاة ولم يُكتَبْ له إلّا نصفُها، ثلثُها، ربعُها" (٧)

حتّى بلغ


(١) وانظر ما يأتي في منزلة الرضا.
(٢) ق، م: "العيادة"، وكذا كان في ل ثم أصلح. وبعده في ل، م، ج: "عليه على من" وقد زاد بعضهم "عليه" فوق السطر في ق، وهو خطأ.
(٣) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (١/ ٦٧٦) و"مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٦٠٤).
(٤) وكذا نقل عنه شيخ الإسلام كما في "الفتاوى الكبرى" (٥/ ٣٣٩)، و"مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٦١٢) ولكن أبا حامد مع اشتراطه الخشوع وحضور القلب لم يصرِّح بإعادة الصلاة في "الإحياء" (١/ ١٦٠). وانظر: "المجموع" للنووي (٤/ ١٠٢ - ١٠٣، ١٠٦) و"منهاج السنة" (٥/ ١٩٥).
(٥) رسمه في ق، ش، ج، ع: "يضل".
(٦) أخرجه البخاري (١٢٣١) ومسلم (٣٨٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٧) أخرجه أحمد (١٨٨٩٤) وأبو داود (٧٩٦) والنسائي في "الكبرى" (٦١٥) والبيهقي في "السنن الكبير" (٢/ ٢٨١) وغيرهم من حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبد الله (أو: عبد الرحمن) بن عَنَمة عن عمار بن يسار - رضي الله عنهما - مرفوعًا. وعمر بن الحكم صدوق، وعبد الله بن عنمة مختلف في صحبته وكذلك في روايته .. وقد صحّح العراقي إسناده في "تخريج الإحياء" (١/ ١٢٠)، والحديث حسَّنه الألباني. وقد روي من أوجه مختلفة، ينظر للتفصيل: "السنن الكبير" (٢/ ٢٨١) و"صحيح أبي داود - الأم" (٣/ ٣٨٢ - ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>