للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن واجبه: الأمرُ بالمعروف والنّهي عن المنكر، وتعليمُ الجاهل، وإرشادُ الضّالِّ، وأداءُ الشّهادة المتعيِّنة، وصدقُ الحديث.

وأمّا مستحَبُّه، فتلاوة القرآن، ودوام ذكر الله، والمذاكرة في العلم النّافع، وتوابع ذلك.

وأمّا محرَّمه، فهو النُّطقُ بكلِّ ما يبغضه الله ورسوله، كالنُّطق بالبدع المخالفة لما بعث الله به رسولَه، والدُّعاءِ إليها، وتحسينِها وتقويتِها؛ وكالقذفِ، وسبِّ المسلم وأذاه بكلِّ قولٍ، والكذب، وشهادة الزُّور، والقول على الله بلا علمٍ وهو أشدُّها تحريمًا.

ومكروهه: التّكلُّمُ بما تركُه خيرٌ من الكلام به، مع عدم العقوبة عليه.

وقد اختلف السّلف هل في حقِّه كلامٌ مباحٌ متساوي الطّرفين؟ على قولين ذكرهما ابن المنذر وغيره (١). أحدهما: أنّه لا يخلو كلُّ متكلَّمٍ (٢) به إمّا أن يكون له أو عليه، وليس في حقِّه شيءٌ لا له ولا عليه. واحتجُّوا بالحديث المشهور (٣)،

وهو: "كلُّ كلام ابن آدم عليه لا له، إلّا ما كان من ذكر الله وما


(١) انظر: "تفسير ابن عطية" (٥/ ١٦٠)، و"زاد المسير" (٨/ ١١)، و"مجموع الفتاوى" (٧/ ٤٩)، و"الداء والدواء" للمؤلف (ص ٣٧٤).
(٢) ع: "كلّ ما يتكلَّم".
(٣) كذا قال هنا، وأما في "الداء والدواء" (ص ٣٧٤) فقال: "وقال بعض السلف ... "، وقال المخرج: لم أقف عليه، وهو كذلك. وقد روي بنحوه من حديث أم حبيبة مرفوعًا: "كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمرٌ بمعروف أو نهيٌ عن منكر أو ذكرُ اللهِ" ذكره المؤلف أيضًا في "الداء والدواء" (ص ٣٧١ - ٣٧٢)، أخرجه الترمذي (٢٤١٢) وابن ماجه (٣٩٧٤) وعبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد" (١٢٣ - دار ابن رجب) وابن أبي الدنيا في "الصمت" (١٤) والنسائي في "أماليه" (١٥) والحاكم (٢/ ٥١٢) وغيرهم من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان المخزومي عن أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٢٦١) عن محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان عن أم صالح مرسلًا، وعقبه بأنه رواه قتيبة بن سعيد بإسناده متصلًا عن صفية بنت شيبة به ولكن لم يذكر إسناده.

ومحمد بن يزيد بن خنيس فيه لين، وأم صالح فيها جهالة؛ فالحديث ضعيف. انظر: "الضعيفة" (١٣٦٦) و"الداء والدواء" (ص ٣٧٢ - مع التعليق والتخريج).

<<  <  ج: ص:  >  >>