للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاه". واحتجُّوا (١) بأنّه يُكتَب عليه كلامُه كلُّه، ولا يُكتَب إلّا الخيرُ والشّرُّ.

وقالت طائفةٌ: بل في الكلام (٢) مباحٌ، لا له ولا عليه، كما في حركات الجوارح. قالوا: لأنّ كثيرًا من الكلام لا يتعلَّق به أمرٌ ولا نهيٌ، وهذا شأن المباح.

والتّحقيق: أنّ حركة اللِّسان بالكلام لا تكون متساوية الطّرفين، بل إمّا راجحةً أو مرجوحةً، لأنّ للِّسان شأنٌ (٣) ليس لسائر الجوارح. فـ"إذا (٤) أصبح ابنُ آدم فإنَّ الأعضاءَ كلَّها تكفِّر اللِّسانَ (٥)، تقول: اتَّقِ الله، فإنّما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإنّ اعوججتَ اعوججنا" (٦). وأكثَرُ ما يكُبُّ


(١) في ش بعده زيادة: "عليه".
(٢) ع: "في هذا الكلام".
(٣) كذا في الأصل وغيره. وفي ج وضع تنوين النصب على النون، وفي م غيَّره بعضهم.
(٤) ع: "وإذا".
(٥) أي تخضع له. وفي ش: "تذكر"، تحريف.
(٦) أخرجه أحمد (١١٩٠٨) وعبد بن حميد (٩٧٧ - المنتخب) والترمذي (٢٤٠٧) وابن أبي الدنيا في "الصمت" (١٢) وابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة" (١) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٤٥٩٥) وغيرهم من طرق عن حماد بن زيد عن أبي الصَّهْبَاء عن سعيد بن جبير عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعًا. وقد روي موقوفًا أيضًا، أخرجه أحمد في "الزهد" (١٠٩٤ - دار ابن رجب) وهناد بن السري في "الزهد" (١٠٩٧) ــ ومن طريقه الترمذي عقب (٢٤٠٧) ــ من طرق عن حماد بن زيد به. فمدار المرفوع والموقوف على أبي الصهباء الكوفي وفيه جهالة، ولعل الاضطراب منه، وهو ممن لا يقبل تفرده. وانظر تخريجه في "الداء والدواء" (ص ٣٧٢ - ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>