للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُثمر عنده؛ وإضلالَ مَن عَلِمَ أنه لا يزكو على الهدى، ولا يقبله، ولا يشكر عليه، ولا يثمر عنده؛ فـ {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ (١)} [الأنعام: ١٢٤] أصلًا وميراثًا.

وقال (٢) تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣]. وهم الذين يعرفون قدر نعمته بالهدى، ويشكرونه عليها، ويحبُّونه، ويحمدونه على أن جعلهم من أهله. فهو سبحانه ما عدَلَ عن موجَب العدل والإحسان في هدايةِ مَن هَدى وإضلالِ مَن أضلَّ. ولم يطرُد عن بابه ولم يُبْعِد عن جنابه مَن يليق به التّقريب والهدى والإكرام، بل طرَدَ مَن لا يليق به إلّا الطّرد والإبعاد، وحكمتُه وحمدُه تأبى تقريبَه وتكريمَه وجَعْلَه من أهله وخاصّته وأوليائه.

ولا يبقى إلّا أن يقال: فلِمَ خلَقَ مَن هو بهذه المثابة؟ فهذا سؤال جاهلٍ ظالمٍ مفرطٍ في الجهل والظُّلم.

وخلقُ الأضداد (٣) والمتقابلات هو من كمال الرُّبوبيّة، كاللّيل والنّهار، والحرِّ والبرد، واللَّذّة والألم (٤)، والخير والشّرِّ، والنّعيم والجحيم (٥).


(١) "رسالاته" قراءة أبي عمرو وغيره. وقرأ ابن كثير وحفص: "رسالتَه". انظر: "الإقناع" لابن الباذش (ص ٦٤٣).
(٢) ع: "قال" دون الواو.
(٣) السياق في ع: "ظالم ضالٍّ ... والظلم والضلال لأنَّ خلقَ الأضداد".
(٤) ل، ج: "الألم واللذة"، وكذا في الأصل ولكن ناسخه وضع فوقهما علامة التقديم والتأخير.
(٥) انظر هذا المعنى في "طريق الهجرتين" (ص ٢١٢، ٢٥٣) وقد بالغ المؤلف هناك في تقريره.

<<  <  ج: ص:  >  >>