للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صادرٍ عن تصديقٍ محقَّقٍ لا يصحبه شكٌّ؛ وتغضبَ (١) على من خالف ذلك غيرةً عليه أن يضيع حقُّه، ويُهمَل جانبُه (٢).

وإنّما كانت الغيرة عند شيخ الإسلام (٣) من تمام البصيرة لأنّه على قدر المعرفة بالحقِّ ومستحقِّه ومحبّته وإجلاله تكون الغيرةُ عليه أن يضيع، والغضب على من أضاعه؛ فإنّ ذلك دليلٌ على محبّة صاحب الحقِّ (٤) وإجلاله وتعظيمه، وذلك عين البصيرة. فكما أنَّ الشَّكَّ القادحَ في كمال الامتثال مُعْمٍ لعين البصيرة، فكذلك عدمُ الغضب والغيرة على حقوق الله إذا أُضِيعَتْ ومحارمِه إذا انتُهِكَتْ مُعْمٍ لعين البصيرة.

قال: (الدّرجة الثّانية أن تشهد في هداية الحقِّ وإضلاله إصابةَ العَدْل، وفي تلوين أقسامه رعايةَ البرِّ، وتُعايِنَ في جذبه حبلَ الوَصْل) (٥).

يريد بشهود العدل في هدايته مَن هداه وإضلالِه مَن أضلَّه أمرين:

أحدهما: تفرُّده بالخلق والهدى والضّلال.

والثّاني: وقوع ذلك منه على وجه الحكمة والعدل، لا بالاتِّفاق، ولا بمحض المشيئة المجرَّدة عن وضع الأشياء مواضعها وتنزيلها منازلها، بل بحكمةٍ اقتضت هدى مَن عَلِمَ أنّه يزكو على الهدى، ويقبله، ويشكره عليه،


(١) معطوف على "تؤدِّيَ".
(٢) انظر: "شرح التلمساني" (٢/ ٣٤٣ - ٣٤٤).
(٣) يعني: صاحب "المنازل".
(٤) ج: "محبة الحق". وفي ش: "محبة صادقة للحق"، وكذا أصلح في م. والصواب ما أثبت من ق، ل، ع.
(٥) غُيِّر في ل إلى "الوصال"، كما في "المنازل" وكما سيأتي في الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>