للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): (وأمّا معرفة الزِّيادة والنُّقصان من الأيّام فإنّها تستقيم بثلاثة أشياء: سماعِ (٢) العلم، وإجابةِ دواعي الحرمة، وصحبةِ الصّالحين. وملاكُ ذلك كلِّه خلعُ العادات).

يعني: أنَّ السَّالك على حسب علمه بمراتب الأعمال ونفائس الكسب، تكون معرفتُه بالزِّيادة والنُّقصان في حاله وإيمانه. وكذلك تفقُّدُ إجابة داعي تعظيمِ حُرُماتِ الله من قلبه: هل هو سريع الإجابة لها، أم بطيءٌ عنها؟ فبحسَبِ إجابتِه الدّاعي سرعةً وإبطاءً تكون زيادتُه ونقصانُه. وكذلك صحبةُ أرباب العزائم المشمِّرين إلى اللَّحاقِ بالملأ الأعلى يعرف به ما معه من الزِّيادة والنُّقصان.

والّذي يملك به ذلك كلَّه خروجُه عن العادات والمألوفات، وتوطينُ النّفس على مفارقتها، والغربةُ بين أهل الغفلة والإعراض. وما على العبد أضرُّ من ملكِ العادات له، وما عارضَ الكفّارُ الرُّسلَ إلّا بالعادات المستمرّة الموروثة لهم عن الأسلاف (٣). فمن لم يوطِّن نفسَه على مفارقتِها والخروجِ عنها والاستعدادِ للمطلوب منه، فهو مقطوعٌ، وعن فلاحه وفوزه ممنوعٌ. {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: ٤٦].


(١) "منازل السائرين" (ص ٩).
(٢) ش: "بسماع"، وكذا في مطبوعة "المنازل". وفي "شرح التلمساني" كما أثبت من النسخ الأخرى.
(٣) بعده في ع زيادة: "الماضين".

<<  <  ج: ص:  >  >>