للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّائم وزائل العقل، لا يُعتدُّ بها. ولم يُبعِد هذا القائل.

فالحقُّ تعالى (١) مرادُه من عبده: استحضارُ عبوديّته، لا الغَيبةُ عنها. والعاملُ على الغَيبة عنها عاملٌ على مراده من الله وعلى حظِّه والتّنعُّمِ بالفناء في شهوده، لا على مراد الله منه. وبينهما ما بينهما! فكيف يكون قائمًا بحقيقة العبوديّة من يقول: "إيّاك نعبد"، ولا شعور له بعبوديّته البتّة، بل حقيقةِ "إيّاك نعبد" علمًا ومعرفةً وقصدًا وإرادةً وعملًا! وهذا مستحيلٌ في وادي الفناء، ومن له ذوقٌ يعرف هذا وهذا.

قوله: (وفَناءُ العِيان في المعايَن، وهو الفَناء جحدًا).

لمّا كان ما قبل هذا فناء العلم في المعلوم، والمعرفة في المعروف، والعيانُ فوق العلم والمعرفة، إذ نسبتُه إلى العلم كنسبة المرئيِّ إليه= كان الفناءُ في هذه المرتبة فناءَ عيانه في معاينه، ومحوَ أثره، واضمحلالَ رسمه.

قوله: (وفَناءُ الطّلب في الموجود (٢)، وهو الفناء حقًّا).

يريد: أنّه لا يبقى لصاحب هذا العيان طلبٌ، لأنّه قد ظفر بموجوده ومطلوبه، وطلبُ الموجود (٣) محالٌ، لأنّه إنّما يُطلَب المفقودُ عن العيان لا


(١) "تعالى" من ع.
(٢) كذا في جميع النسخ هنا وفي "شرح التلمساني" (٢/ ٥٧٠). وفي "المنازل": "الوجود" كما سبق فيما نقله المصنف قبل الشرح، وكما سيأتي في آخر الكتاب في شرح منزلة الفناء.
(٣) م، ش: "الوجود".

<<  <  ج: ص:  >  >>