وهي حقيقة المحو والإثبات، فيمحو إلهيَّةَ ما سوى الله من قلبه علمًا وقصدًا وعبادةً، كما هي ممحوَّةٌ من الوجود، ويُثبِت فيه إلهيّتَه سبحانه وحده.
وهي حقيقة الجمع والفرق، فيفرِّق بين الإله الحقِّ ومَن ادُّعِيَتْ له الإلهيّةُ بالباطل، ويجمع تألُّهَه وعبادتَه وحبَّه وخوفَه ورجاءَه وتوكُّلَه واستعانتَه على إلهه الحقِّ الذي لا إله سواه.
وهي حقيقة التّجريد والتّفريد، فيتجرَّد عن عبادة ما سواه، ويُفرده وحده بالعبادة. فالتّجريد نفيٌ، والتّفريد إثباتٌ، ومجموعهما هو التّوحيد.
فهذا الفناء والبقاء، والولاء والبراء، والمحو والإثبات، والجمع والفرق (١)، والتَّجريد والتَّفريد= المتعلِّقُ بتوحيد الإلهيّة: هو النّافع المثمر المُنجي الذي به تنال السّعادة والفلاح.
وأمّا تعلُّقُه بتوحيد الرُّبوبيّة الذي أقرَّ به المشركون عُبَّادُ الأصنام، فغايتُه فناءٌ في تحقيق توحيدٍ مشتركٍ بين المؤمنين والكفّار وأولياء الله وأعدائه، لا يصير به وحده الرّجلُ مسلمًا، فضلًا عن كونه عارفًا محقِّقًا.