للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخصماء الله (١) هاهنا تظلُّماتٌ وشكاياتٌ، ولو فتَّشوا زوايا قلوبهم لوجدوا هناك خصمًا متظلِّمًا شاكيًا عاتبًا يقول: لا أقدر أن أقول شيئًا، وإنِّي مظلومٌ في صورة ظالمٍ! ويقول بحُرقةٍ وتنفُّس (٢) الصُّعَداء: مسكينٌ ابنُ آدم، لا قادرٌ ولا معذورٌ!

ويقول الآخر: ابنُ آدم كرةٌ تحت صَوْلَجَانات الأقدار (٣)، يضربها واحدٌ، ويردُّها الآخر، وهل تستطيع الكرةُ الانتصافَ من الصَّوْلَجان (٤)!

ويتمثّل خصمٌ آخر بقول الشّاعر:

بأبي أنت وإن أَسْـ ... ـرَفتَ في هَجْري وظلمي (٥)

فجعله هاجرًا له بلا ذنبٍ ظالمًا، بل مسرفًا قد تجاوز الحدَّ في ظلمه.

ويقول الآخر:

أظلَّتْ علينا منك يومًا سحابةٌ ... أضاءت لنا برقًا وأبطا رِشاشُها

فلا غيمُها يجلو فييئسَ طالبٌ (٦) ... ولا غيثُها يأتي فيَرْوَى عطاشُها (٧)


(١) ج: "فلخصماء الله"، وزاد بعضهم الفاء في ل. وفي ش، ع: "ولخصماء الله".
(٢) ق، ل: "وبنفس".
(٣) الصَّولجان: عصًا يُعطَف طرفُها، فارسي معرَّب.
(٤) ما عدا ع: "الصولجانات".
(٥) لم أجده.
(٦) ج: "طامع"، وهي الرواية.
(٧) البيتان لبشَّار بن برد يخاطب خالد بن برمك في "الأغاني" (٣/ ١٧٨). وانظر: "المختار من شعر بشار" (ص ٦٦)، و"ديوانه" (ص ١٤٥ - العلوي). وهما من سبعة أبيات لعبد الصمد بن الفضل الرَّقاشي يخاطب خالد بن ديسَم عامل الرَّي في "البصائر والذخائر" (٨/ ١٩٥)، وانظر: "عيون الأخبار" (٣/ ١٤٥)، و"العقد" (١/ ٢٤٦). والسياق في "اللمع" للسرَّاج (ص ٢٥١)، و"الحلية" (١٠/ ٣٧٤) يوهم أن البيتين للشِّبلي، ولكن الصواب أنه تمثَّل بهما. انظر: "ديوانه" المجموع (ص ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>