للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول خصمٌ آخر:

يدنو إليك ونقصُ الحظِّ يُبْعِدُه ... ويستقيمُ وداعي البين يَلويه (١)

ويقول خصمٌ آخر:

واقفٌ في الماء ظمآ ... نُ ولكنْ ليس يُسْقى (٢)

ومن له أدنى فهمٍ وبصيرةٍ يعلم أنَّ هذا كلَّه تظلُّمٌ وشكايةٌ وعتبٌ. ويكاد أحدهم أن يقول: "يا ظالمي" لولا (٣)! ولو فتَّش نفسَه كما ينبغي لوجد ذلك فيها، وهذا ما لا غاية بعده من الجهل والظُّلم. والإنسانُ ــ كما قال ربُّه (٤) ــ ظلوم جهول، {هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].

ولو علِم هذا الظّالم الجاهل أنَّ بلاءَه من نفسه ومُصابَه منها، وأنّها أولى بكلِّ ذمٍّ وظلمٍ، وأنّها مأوى كلِّ سوءٍ! و {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ} [العاديات: ٦].


(١) لم أعثر عليه.
(٢) ورد في "تاريخ دمشق" (٤٠/ ٣١) في ترجمة أبي القاسم بن مَرْدان النهاوندي صاحب أبي سعيد الخرَّاز (ت ٢٨٦ هـ). وانظر: "الإحياء" (٢/ ٢٩٠)، و"المدهش" (١/ ٣١٣).
(٣) يعني: لولا بقية حياء أو خوف أو نحو ذلك، كما ذكر الشيخ عامر بن علي ياسين في تعليقه في نشرته (١/ ٢٦٣).
(٤) يعني قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>