للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبّاسٍ ومجاهد وقتادة: كَفورٌ جَحودٌ لنعم الله. قال الحسن - رضي الله عنه -: هو الذي يعُدُّ المصائب وينسى النِّعم. وقال أبو عبيدة - رضي الله عنه - (١): هو قليل الخير، والأرض الكنود التي لا تُنبت شيئًا. وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: الكنود: الذي أنسته الخصلةُ الواحدةُ من الإساءة الخصالَ الكثيرةَ من الإحسان (٢).

ولو علم هذا الظّالم الجاهل (٣) أنّه هو القاعد على طريق مصالحه يقطعها عن الوصول إليه، فهو حجرٌ في طريق الماء الذي به حياته، وهو السِّكْرُ (٤) الذي قد سدَّ مجرى الماء إلى بستان قلبه، ويستغيث مع ذلك: العطش، وقد وقَف في طريق الماء ومنعَ وصولَه إليه! فهو حجابُ قلبه عن سرِّ غيبه، وهو الغيمُ المانعُ لإشراق شمس الهدى على القلب، فما عليه أضرُّ منه، ولا له عدوٌّ أبلغُ عداوةً منه.

ما يبلغ الأعداءُ من جاهلٍ ... ما يبلغ الجاهلُ من نفسِه (٥)

فتبًّا له ظالمًا في صورة مظلومٍ، وشاكيًا والجناية منه! قد جَدَّ في


(١) ورد الترضِّي في جميع النسخ ما عدا ش.
(٢) راجع لهذه الأقوال كلها: "تفسير البغوي" (٨/ ٥٠٩) وعنه صدر المؤلف.
(٣) ج: "الجاهل الظالم".
(٤) "السِّكْرُ": كلُّ ما سُدَّ به النَّهر والبَثْق ومجرى الماء.
(٥) من أبيات لصالح بن عبد القدوس في "العقد" (٢/ ٤٣٦)، و"التمثيل والمحاضرة" (ص ٧٧ - ٧٨)، و"الحماسة البصرية" (٢/ ٨٧٤). وانظر تخريج البيت فيه. وقد أنشده المصنف في "الداء والدواء" (ص ١٥٩)، و"طريق الهجرتين" (١/ ١٣٥) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>