للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراض، وهو ينادي: طرَدوني وأبعَدوني! ولّى ظهره الباب، بل أغلقه على نفسه، وأضاع مفاتيحه، وكَسَرها، ويقول:

دعاني وسدَّ البابَ دوني فهل إلى ... دخولي سبيلٌ بيِّنوا ليَ قصَّتي (١)

يأخذ الشَّفيقُ بحُجْزتِه عن النّار، وهو يجاذبه ثوبَه ويغلبُه ويتقَحَّمُها (٢)، ويستغيث: ما حيلتي؟ وقد قدَّموني إلى الحُفرة وقذفوني فيها!


(١) ما عدا ق، ل، ع: "قضيَّتي" وكذا في "أعيان العصر" (٣/ ٢٩٢) وغيره. والبيت أنشده المؤلف في "طريق الهجرتين" (١/ ١٨٠) أيضًا. وهو من قصيدة ذكر ابن حجر في "الدُّرر" (١/ ١٥٦) أن محمد بن أبي بكر السكاكيني (ت ٧٢١) عملها على لسان ذمي في إنكار القدر، أولها:
أيا علماءَ الدين ذِمّيُّ دينكم ... تحيَّر دُلُّوه بأوضحِ حُجَّةِ
فانبرى للرَّدِّ عليها نظمًا كبارُ علماء مصر والشام، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ("مجموع الفتاوى" ٨/ ٢٤٥ - ٢٥٥)، والعلاء الباجي والعلاء القونوي وغيرهم. انظر قصائدهم في "طبقات الشافعية" (١٠/ ٣٥٢ - ٣٦٦). وقد وردت هنا في ل حاشية نصُّها: "وقال بعض اليهود في نظم له:

دعاني وردَّ البابَ ما حيلة الفتى ... إذا ما دُعي العبدُ المسيءُ مع الرَّدِّ
وكلُّ هذا مردودٌ على أصحابه المحتجِّين به على الحقِّ ــ تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا ــ أن يكلِّف العبد ما لا يطيقه، فيكون جائرًا عليه، ظالمًا له، جاهلًا فيه. وهذا محالٌ على الحق تعالى. وقد قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: ١٩]. وقد أرسل الرسل وأنزل الكتب لقطع الحجج: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] ".
(٢) ج، ش، ع: "يقتحمها" وكذا غُيِّر في م. وفي هامش ل: "قال عليه السلام: "إنكم لتَقَحَّمون في النار وإني لآخِذٌ بحجزكم". يعني أن المصنف يشير إلى الحديث المذكور الذي أخرجه البخاري (٦٤٨٣)، ومسلم (٢٢٨٤) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>