للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم (١) صاحَ به النّاصحُ: الحذر الحذر، إيّاك إيّاك! وكم أمسَك بثوبه! وكم أراه مصارعَ المقتحمين، وهو يأبى إلّا الاقتحام!

وكم سُقْتُ في آثاركم من نصيحةٍ ... وقد يستفيدُ البِغْضَةَ المتنصِّحُ (٢)

يا ويله ظهيرًا للشّيطان على ربِّه، خصمًا لله مع نفسه! جبريُّ المعاصي، قدريُّ الطّاعات، "عاجزُ الرّأي مضياعٌ لفرصته" (٣)، قاعدٌ عن مصالحه، معاتبٌ لأقدار ربِّه، يحتجُّ (٤) على ربِّه بما لا يقبله من عبده وامرأته وأمته إذا احتجُّوا به عليه في التّهاون في بعض أمره. فلو أمَر أحدَهم بأمرٍ ففرَّط فيه، أو نهاه عن شيءٍ فارتكبه، وقال: القدرُ ساقني إلى ذلك= لَما قبِلَ منه هذه الحجّةَ، ولبادرَ إلى عقوبته.

فإن كان القدرُ حجّةً لك أيُّها الظّالم الجاهل (٥) في ترك حقِّ ربِّك، فهلّا


(١) قبله في ع: "ولله". وفي سائر النسخ "رفقة"، ولكن ضرب عليه في ل ووضعت فوقه علامة الحذف في ق.
(٢) كذا "البغضة" في الأصل وغيره، والرواية: "الظِّنَّة" أي التهمة. والبيت في "الكامل" للمبرِّد (٣/ ١٥٠٢) عن الرِّياشي، وفي "جمهرة الأمثال" للعسكري (٢/ ١٦١) من إنشاد عمارة بن عقيل. وعزي في "مجموعة المعاني" (١/ ٨٠)، و"التذكرة الحمدونية" (٧/ ١٠١) إلى الأقرع بن معاذ.
(٣) من قول الشاعر:
وعاجزُ الرأي مضياعٌ لفرصته ... حتى إذا فات أمرٌ عاتب القدرا
كما ذكر في هامش ش كاملًا، وفي هامش م العجز فقط. وقد تقدم في (ص ١٢٣).
(٤) يحتمل رسمه في ق: "محتج".
(٥) لفظ "الجاهل" ساقط من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>