للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلُ ذكري أهلُ مجالستي، وأهلُ شكري أهلُ زيادتي، وأهلُ طاعتي أهل كرامتي. وأهلُ معصيتي لا أقنِّطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبُهم، فإنِّي أحبُّ التّوّابين وأحبُّ المتطهِّرين. وإن لم يتوبوا فأنا طبيبُهم، أبتليهم بالمصائب لأطهِّرهم من المعايب.

مَن آثرني على سواي آثرتُه على سواه. الحسنةُ عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرةٍ. والسّيِّئة عندي بواحدةٍ، فإن ندم عليها واستغفرني غفرتُها له.

أشكر اليسيرَ من العمَل، وأغفر الكثيرَ من الزَّلَل. رحمتي سبقت غضبي، وحلمي سبَقَ مؤاخذتي، وعفوي سبَقَ عقوبتي. أنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها (١).

و"الله أشدُّ فرحًا بتوبة عبده من رجلٍ أضَلَّ راحلتَه بأرضٍ مَهْلَكةٍ دَوِّيَّةٍ، عليها طعامُه وشرابُه، فطَلبَها حتّى يئِسَ من حصولها فنام في أصل شجرةٍ ينتظر الموت، فاستيقظ فإذا هي على رأسه، قد تعلَّق خطامُها بالشَّجرة، فاللهُ أفرَحُ بتوبة عبده من هذا براحلته" (٢). وهذه فرحةُ إحسانٍ وبرٍّ ولطفٍ، لا فرحةُ محتاجٍ إلى توبة عبده منتفعٍ بها.

وكذلك موالاتُه لعبده إحسانًا إليه ومحبّةً له وبرًّا منه (٣)، لا يتكثَّر به من


(١) كما جاء في حديث عمر - رضي الله عنه -. أخرجه البخاري (٥٩٩٩) ومسلم (٢٧٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٠٨، ٦٣٠٩)، ومسلم (٢٧٤٤، ٢٧٤٧) من حديث ابن مسعود وأنس - رضي الله عنهما -.
(٣) ع: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>