للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فللإنسان شأنٌ ليس لسائر المخلوقات. وقد خلَق أباه بيده (١)، ونفَخ فيه من روحه، وأسجَدَ له ملائكتَه، وعلَّمه أسماءَ كلِّ شيءٍ، وأظهر فضلَه على الملائكة فمَن دونهم من جميع المخلوقات. وطرَد إبليسَ عن قربه، وأبعدَه عن بابه إذ لم يسجد له مع السَّاجدين، واتّخذَه عدوًّا له.

فالمؤمنون من نوع الإنسان خيرُ البريّة على الإطلاق، وخِيرةُ الله من العالمين؛ فإنّه خلَقه لِتَتمَّ (٢) نعمتُه عليه، وليتواتر إحسانُه (٣) إليه، وليخصَّه من كرامته وفضله بما لم تنله أمنيّتُه، ولم يخطر على باله ولم يشعُر به، ليسأله من المواهب والعطايا الباطنة والظّاهرة العاجلة والآجلة التي لا تُنال إلّا بمحبَّته، ولا تُنال محبَّتُه إلّا بطاعته وإيثاره على ما سواه. فاتّخذه محبوبًا له، وأعدَّ له أفضلَ ما يُعِدُّه محبٌّ غنيٌّ (٤) قادرٌ جوادٌ لمحبوبه إذا قَدِم عليه. وعَهِد إليه عهدًا تقدَّم إليه فيه بأوامره ونواهيه، وأعلَمه في عهده ما يقرِّبه إليه ويزيده محبّةً له وكرامةً عليه، وما يُبعِده منه، ويُسْخطه عليه، ويُسْقِطه من عينه.

وللمحبوب عدوٌّ، هو أبغَضُ خلقه إليه، قد جاهَره بالعداوة، وأمرَ عباده أن يكون دينُهم وطاعتُهم (٥) وعبادتُهم له دون وليِّهم ومعبودهم الحقِّ، واستقطَع عباده، واتّخذ منهم حزبًا ظاهَروه ووالَوه على ربِّهم، وكانوا


(١) ع: "بيديه".
(٢) هكذا في الأصل. وفي ع: "ليُتمَّ". وفي ش: "فليتم".
(٣) ما عدا ع: "إحسان الله".
(٤) لفظ "غني" ساقط من ج.
(٥) "وطاعتهم" ساقط من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>