للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعداءً (١) له مع هذا العدوِّ، يدعُون إلى سخطه، ويطعنون في ربوبيّته وإلهيّته ووحدانيّته، ويسبُّونه ويكذِّبونه، ويفتنون أولياءه، ويؤذونهم بأنواع الأذى، ويجتهدون على إعدامِهم من الوجود، وإقامةِ الدّولة لهم، ومحوِ كلِّ ما يحبُّه الله ويرضاه وتبديله بكلِّ ما (٢) يسخَطه ويكرهه= فعرَّفه بهذا العدوِّ وطرائقهم وأعمالهم ومآلهم، وحذَّره موالاتَهم والدُّخولَ في زمرتهم والكونَ معهم.

وأخبره في عهده أنّه أجودُ الأجودين، وأكرمُ الأكرمين، وأرحمُ الرَّاحمين؛ وأنّه سبقت رحمتُه غضبَه، وحلمُه عقوبتَه، وعفوُه مؤاخذتَه؛ وأنّه قد أفاض على خلقه النِّعمة، وكتب على نفسه الرّحمة؛ وأنّه يحبُّ الإحسان والجود والعطاء والبِرَّ؛ وأنَّ الفضلَ كلَّه بيده، والخيرَ كلَّه منه، والجودَ كلَّه له. وأحبُّ ما إليه أن يجودَ على عباده ويُوسِعَهم فضلًا، ويغمرَهم إحسانًا وجودًا، ويتمّ عليهم نعمَه، ويضاعف لديهم مننَه، ويتعرَّفَ إليهم بأوصافه وأسمائه، ويتحبَّب إليهم بنعمه وآلائه.

فهو الجواد لذاته، وجُودُ كلِّ جوادٍ خلَقه الله ويخلُقه أبدًا أقلُّ من ذرّةٍ بالقياس إلى جوده. فليس الجواد على الإطلاق إلّا هو، وجُودُ كلِّ جوادٍ فمن جوده. ومحبَّتُه للجود والإعطاء والإحسان والبرِّ والإنعام والإفضال فوقَ ما يخطُر ببال الخلق أو يدور في أوهامهم. وفرَحُه بعطائه وجوده وإفضاله أشدُّ من فرَحِ الآخذ بما يعطاه ويأخذه أحوجَ ما هو إليه، وأعظَمُ ما كان قدرًا. فإذا اجتمع شدّةُ الحاجة وعِظَمُ قدر العطيّة والنَّفع بها، فما الظَّنُّ بفرَح المعطَى! ففرحُ المعطي سبحانه بعطائه أشدُّ وأعظمُ من فرح هذا بما يأخذه. ولله المثل


(١) ما عدا ع: "أهلا"، تحريف.
(٢) ما عدا ع: "بدل"، ولعله تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>