للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)} [غافر: ٦].

فالكلمةُ التي حقَّت كلمتان: كلمةُ الإضلال، وكلمةُ العذاب، كما قال تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: ٧١]. وكلمتُه سبحانه إنَّما حقَّت عليهم بالعذاب بسبب كفرهم، فحقَّت عليهم كلمةُ حجَّتِه، وكلمةُ عدله بعقوبته.

وحاصلُ هذا كلِّه أنَّ الله سبحانه أمرَ العبادَ أن يكونوا مع مراده الدِّينيِّ منهم، لا مع مراد أنفسهم. فأهلُ طاعته آثروا اللهَ ومرادَه على مرادهم، فاستحقُّوا كرامتَه. وأهلُ معصيته آثروا مرادَهم على مراده، وعلِمَ سبحانه منهم أنّهم لا يؤثرون مراده البتّة، وإنّما يؤثرون أهواءهم (١) ومرادهم، فأمَرهم ونهاهم، فظهر بأمره ونهيه من القدَر الذي قُدِّر عليهم من إيثارهم هوى أنفسهم ومرادَهم على مرضاة ربِّهم ومرادِه، فقامت عليهم بالمعصية حجَّةُ عدله، فعاقَبهم بظلمهم.

فصل

قد ذكرنا أنَّ العبدَ في الذّنب له نظرٌ إلى أربعة أمورٍ: نظرٌ إلى الأمر والنّهي، ونظرٌ إلى الحكم والقضاء، وذكرنا ما يتعلَّق بهذين النّظرين (٢).

النّظر الثّالث: النّظرُ إلى محلِّ الجناية ومصدرها، وهو النَّفسُ الأمَّارةُ


(١) ش: "هواهم".
(٢) كذا قال! ونسي أنه ذكر من قبل (ص ٣٢٠) أنَّ صاحب البصيرة إذا صدرت منه الخطيئة نظر إلى خمسة أمور، ثم ذكر ثلاثة منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>