للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّها لا تصلُح لله، وأنَّ تلك البضاعةَ لا يُشترى بها النَّجاةُ من عذابه (١)، فضلًا عن الفوز بعظيم ثوابه. فإن خلَص له عملٌ وحالٌ مع الله، وصفا له معه وقتٌ، شاهَدَ منّةَ الله عليه به ومجرَّدَ فضله، وأنّه ليس من نفسه، ولا هي أهلٌ لذلك. فهو دائمًا (٢) مشاهدٌ لمنّة الله عليه ولعيوب نفسه وعمله، لأنّه متى تطلَّبها رآها. وهذا من أجلِّ أنواع المعارف وأنفعها للعبد.

ولذلك كان سيِّد الاستغفار: "اللهمَّ أنت ربِّي لا إله إلّا أنتَ، خلقتَني، وأنا عبدُك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنّه لا يغفر الذُّنوب إلّا أنت" (٣).

فتضمَّن هذا الاستغفارُ الاعترافَ (٤) من العبد بربوبيَّته وإلهيَّته وتوحيده، والاعترافَ بأنّه خالقه العالمُ به، إذ أنشأه نشأةً تستلزم عجزَه عن أداء حقِّه وتقصيرَه فيه، والاعترافَ بأنّه عبدُه الذي ناصيته بيده وفي قبضته، لا مهربَ له منه، ولا وليَّ له سواه. ثمّ التزامَ الدُّخول تحت عهده ــ وهو أمره ونهيه ــ الذي عهِدَه إليه على لسان رسله (٥). وأنَّ ذلك بحسب استطاعتي، لا بحسب أداء حقِّك فإنّه غيرُ مقدورٍ للبشر، وإنّما هو جهدُ المقلِّ وقدرُ الطّاقة؛ ومع ذلك فأنا مصدِّقٌ بوعدك الذي وعدتَه لأهل طاعتك بالثّواب ولأهل معصيتك


(١) ع: "عذاب الله"، وكذا "ثواب الله" فيما يأتي.
(٢) ما عدا ع: "دائم".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) ع: "والاعتراف" وهو خطأ.
(٥) ع: "رسوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>