للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب تبديل الدِّين جملةً؛ فإنَّ البدعَ تَسْتدرجُ بصغيرها إلى كبيرها، حتّى ينسلخَ صاحبُها من الدِّين، كما تنسَلُّ الشَّعرةُ من العجين، فمفاسدُ البدع لا يقف عليها إلّا أربابُ البصائر، والعميانُ في ظلمة العَمى {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ} [النور: ٤٠].

فإن قطَع هذه العقَبةَ بعصمةٍ من الله، أو بتوبةٍ نصوحٍ تُنجيه، طَلَبه على:

العقبة الرَّابعة: وهي عقبة الصّغائر. فكال له منها بالقُفْزان، وقال: ما عليك إذا اجتنبتَ الكبائرَ ما غشِيتَ من اللَّمَم. أَوَما علمتَ بأنَّها تُكفَّر باجتناب الكبائر وبالحسنات؟ ولا يزال يهوِّن عليه أمرَها حتّى يُصِرَّ عليها، فيكون مرتكبُ الكبيرة الخائفُ الوَجِلُ النَّادمُ أحسنَ حالًا منه؛ فإنَّ الإصرارَ على الذّنب أقبَحُ منه، ولا كبيرةَ مع التَّوبة والاستغفار، ولا صغيرةَ مع الإصرار. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكم ومحقَّراتِ الذُّنوب"، ثمَّ ضرَب لذلك مثلًا بقومٍ نزلوا بفَلاةٍ من الأرض، فأعوَزَهم الحطبُ، فجعل يجيء هذا بعُودٍ، وهذا بعُودٍ، حتّى جمعوا حطبًا كثيرًا، فأوقدوه نارًا (١). فكذلك شأنُ محقَّراتِ الذُّنوب تجتمع على العبد، ويستهين بشأنها حتَّى تُهلِكه (٢).


(١) ع: "فأوقدوا نارًا وأنضجوا خبزتهم".
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٨٠٨) والطبراني في "الكبير" (٦/ ١٦٥) وفي "الأوسط" (٧٣١٩) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧٢٦٧) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -، وإسناده صحيح. وقد روي من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بنحوه، أخرجه أحمد (٣٨١٨) والطبراني في "الكبير" (١٠/ ٢١٢) وفي "الأوسط" (٢٥٥٠) والبيهقي في "الشعب" (٢٨٥)، وفي إسناده عبد ربه بن أبي يزيد وهو مجهول. وانظر: "الصحيحة" (٣٨٩، ٣١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>