للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحقيقة المتابعة وما مضى عليه السّلفُ الأخيارُ من الصّحابة والتّابعين لهم بإحسانٍ، وهيهات أن تسمح الأعصارُ المتأخِّرةُ بواحدٍ من هذا الضّرب! فإن سمحَتْ به نصَب له أهلُ البدع الحبائلَ، وبغَوه الغوائلَ، وقالوا: مبتدعٌ مُحْدِثٌ= فإذا وفَّقه الله لقطع هذه العقبة طلبَه على:

العقبة الثَّالثة: وهي عقبةُ الكبائر. فإن ظفِر به فيها زيَّنها له، وحسَّنها في عينه، وسوَّفَ به وفتَح له بابَ الإرجاء وأنَّ الإيمانَ هو نفسُ التّصديق فلا تقدَح فيه الأعمالُ. وربَّما أجرى على لسانه وأذنه كلمةً طالما أهلَكَ (١) بها الخلقَ: لا يضرُّ مع التّوحيد ذنبٌ، كما لا ينفع مع الشِّرك حسنةٌ! (٢).

والظفرُ به في عقَبة البدعة أحبُّ إليه لمناقضِتها الدِّين ودفعِها لما بعث الله به رسولَه، وصاحبُها لا يتوب منها (٣)، ويدعو الخلقَ إليها؛ ولتضمُّنها القولَ على الله بلا علمٍ، ومعاداةَ صريح السُّنّة، ومعاداةَ أهلها، والاجتهادَ على إطفاء نور السُّنّة، وتوليةَ مَن عزَلَه الله ورسوله وعَزْلَ من ولّاه، واعتبارَ ما ردَّه الله ورسوله وردَّ ما اعتبره، وموالاةَ من عاداه ومعاداةَ من والاه (٤)، وإثباتَ ما نفاه ونفيَ ما أثبته، وتكذيبَ الصّادق وتصديقَ الكاذب، ومعارضةَ الحقِّ بالباطل، وقلبَ الحقائق بجعل الحقِّ باطلًا، والباطلِ حقًّا، والإلحادَ في دين الله، وتعميةَ الحقِّ على القلوب، وطلبَ العوج لصراط الله المستقيم، وفتحَ


(١) ج: "أضلَّ".
(٢) نسبه ابن حزم في "الفصل" (٥/ ٧٤) إلى مقاتل بن سليمان. وانظر: "كتاب الإيمان" لابن تيمية (ص ١٤٥).
(٣) في ع بعده زيادة: "ولا يرجع عنها".
(٤) ع: "والاه الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>