للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الرَّاجح، وبالمحبوب لله عن الأحبِّ إليه، وبالمرضيِّ عن الأرضى له.

ولكن أين أصحاب هذه العَقَبة! فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقَبات الأُوَل.

فإن نجا منها بفقهٍ في الأعمال ومراتبها عند الله تعالى، ومنازلِها في الفضل، ومعرفةِ مقاديرها، والتَّمييزِ بين عاليها وسافلِها، ومفضولِها وفاضلِها، ورئيسِها ومرؤوسها، وسيِّدِها ومسودها؛ فإنَّ في الأعمال والأقوال سيِّدًا ومسودًا، ورئيسًا ومرؤوسًا، وذروةً وما دونها، كما في الحديث الصّحيح: "سيِّد الاستغفار أن يقول العبد (١): اللهمَّ أنتَ ربِّي" الحديث (٢)، وفي الحديث الآخر: "الجهادُ ذِروةُ سَنامِ الأمر" (٣)، وفي أثرٍ آخر (٤): أنّ الأعمال تفاخرت، فذكر كلُّ عملٍ منها مرتبته وفضله، وكان للصَّدَقة مزيّةٌ في الفخر عليهنّ (٥).


(١) "العبد" ساقط من ش، وفيها: "أن تقول".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) جزء من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - المشهور "أخبرني بعمل يدخلني الجنة ... "، أخرجه أحمد (٢٢٠١٦، ٢٢٠٦٨) والترمذي (٢٦١٦) والنسائي في "الكبرى" (١١٣٣٠) وابن ماجه (٣٩٧٣) وغيرهم بأسانيد فيها انقطاع بين معاذ بن جبل والرواة عنه. والحديث صححه الترمذي والحاكم (٢/ ٧٦، ٤١٣)، وكذلك الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "إرواء الغليل" (٤١٣).
(٤) ع: "الأثر الآخر".
(٥) يشير إلى ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: "ذُكر أنَّ الأعمال الصالحة تتباهى، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم". نقله المؤلف في "عدة الصابرين" (ص ٤٨٦). والأثر أخرجه إسحاق (٩٥٢ - المطالب العالية) وابن خزيمة (٢٤٣٣) والحاكم (١/ ٤١٦) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٣٠٥٨)، وفي إسناده أبو قرة الأسدي وهو مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>