واحدٍ، وهو أن يتَّفق رضا الحقِّ بعمل العبد أو حاله أو وقته، وإيقانِ العبد وقصدِه؛ فيكون العبد راضيًا مرضيًّا، فأعماله إذًا مرضيَّة، وأحواله صادقة، وقصوده مستقيمة. وإن كان العبد كُسي ثوبًا مُعارًا، فأحسن أعماله ذنبٌ، وأصدق أحواله زورٌ، وأصفى قصوده قعود).
قال الإسكندري في شرح هذه الدرجة: «هذه الدرجة أفضل مما قبلها من حيث تبرُّئه عن رؤية صدقه وخروجه عن آثار نفسه، فإن من كمل صدقه في سلوكه بحث عن آفات أحواله وأخلاقه ومقاماته. فينظر في حقيقة صدقه، فيجده من فضل ربه وكرمه الذي منَّ عليه به عونًا له على ما هو بصدده، فإذا وافق صدقه وجدّه في شيء من حركاته رضا الحق به كان ذلك مرضيًّا لربه، والعبد محب فيه وله راض به. وهذه هي الموافقة بين رضا الحق وقصد العبد. فهو في التحقيق محلٌّ، إذ الحق تعالى خلق له الصدق والرضا بما هو مرضي عنده، فله الحمد، فإنه المتفضل بالقسمين، وهما خلق الفعل المرضي به وثناؤه على فاعله. فإذا تحقق العبد هذا من نفسه علم أنه في صدقه كسي ثوبًا معارًا، إذ هو لغيره تحقيقًا. فإن ادعاه لنفسه واستحسن شيئًا من عمله وكماله لنفسه كان ذلك عجبًا إن نسي منة ربه، وإن ذكرها تبرَّأ من حوله وقوته ودخل في مقام الخصوص. ولذلك قال الشيخ:(فأحسن أعماله ذنب) أي إن ادعاه لنفسه، (وأصدق أحواله زور، وأصفى قصوده قعود)، لأنه لم يصفُ له قصده لربه خاصة لبقائه مع دعوى نفسه».
لم يخرج القاساني من شرح التلمساني فلا داعي لحكاية كلامه، والفركاوي لم يشرح هذه الجملة البتة. وقد حرصنا على نقل شرح الإسكندري بتمامه، لأنه مختلف عن شرح التلمساني لقول الهروي: (وإن