للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّينة. والفاحشةُ هاهنا طوافُهم بالبيت عُراةً - الرِّجال والنِّساء - غيرَ قريشٍ.

ثمّ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} أي لا يأمر بما هو فاحشةٌ في العقل والفطرة (١). ولو كان إنّما عُلِم كونُه فاحشةً بالنّهي، وأنّه لا معنى لكونه فاحشةً إلّا تعلُّقُ النَّهي به، لصار معنى الكلام أنَّ الله لا يأمر بما ينهى عنه. وهذا يُصان عن التَّكلُّم به آحادُ (٢) العقلاء فضلًا عن كلام العزيز الحكيم. وأيُّ فائدةٍ في قوله: إنَّ الله لا يأمر بما ينهى عنه؟ فإنّه ليس معنى (٣) كونه فاحشةً عندهم إلّا أنَّه منهيٌّ عنه، لا أنّ العقول تستفحشه.

ثمّ قال تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ}. والقسطُ عندهم هو المأمور به، لا أنّه قِسطٌ في نفسه، فحقيقةُ الكلام: قُلْ أمَر ربِّي بما أمَر به!

ثمّ قال: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} دلَّ على أنّه طيِّبٌ قبل التَّحريم (٤)، وأنَّ وصفَ الطِّيب فيه مانعٌ من تحريمه، فتحريمُه منافٍ للحكمة.

ثمّ قال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ}. ولو كان كونُها فواحشَ إنّما هو لتعلُّق التَّحريم بها، وليست فواحشَ قبل ذلك، لكان حاصلُ الكلام: قل إنّما حرَّم ربِّي ما حَرَّم! وكذلك تحريمُ الإثم والبغي، فكونُ (٥) ذلك فاحشةً وإثمًا


(١) ع: "العقول والفطر".
(٢) ع: "لآحاد".
(٣) ما عدا ش، ع: "لمعنى".
(٤) ضرب عليه بعضهم في ل، وكتب في الهامش مع علامة صح: "التحليل".
(٥) ما عدا الأصل، ع: "فيكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>