للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦]. أي لا يُحمِّل المسيءَ عقابَ ما لم يعمله، ولا يمنع المحسنَ من ثواب عمله.

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (١) [هود: ١١٧] فدلَّ على أنّه لو أهلكهم مع إصلاحهم لكان ظلمًا. وعندهم يجوز ذلك وليس بظلمٍ لو فعَلَه. ويؤوِّلون الآية على أنّه سبحانه أخبر أنّه لا يهلكهم مع إصلاحهم، وعلِمَ أنّه لا يفعل ذلك، وخلافُ خبره ومعلومه مستحيلٌ، وذلك حقيقة الظُّلم (٢). ومعلومٌ أنَّ الآيةَ لم يُقصَد بها هذا قطعًا ولا أريد بها، ولا تحتمله بوجهٍ، إذ يؤولُ معناها إلى أنّه ما كان ليهلك القرى بسبب اجتماعِ النّقيضين وهم مصلحون! وكلامُه تعالى يتنزَّه (٣) عن هذا ويتعالى عنه.

وكذلك عند هؤلاء أيضًا، العبَثُ والسُّدى والباطلُ كلُّها هي المستحيلات الممتنعة التي لا تدخل تحت المقدور. واللهُ سبحانه قد نزَّه نفسَه عنها، إذ نسَبه إليها أعداؤه المكذِّبون لوعده (٤) ووعيده، المنكرون لأمره ونهيه، فأخبر أنَّ ذلك مستلزمٌ (٥) كونَ الخلق عبثًا وباطلًا، وحكمتُه وعزَّتُه تأبى ذلك. قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥].


(١) في جميع النسخ: "مهلك القرى" غير ش التي أُصلحت فيها، التبست بآية القصص (٥٩).
(٢) ش: "وذلك الظلم" بإسقاط "حقيقة".
(٣) ع: "ينزَّه".
(٤) ج: "بوعده".
(٥) ع: "يستلزم".

<<  <  ج: ص:  >  >>