للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأكمَلُ من هؤلاء مَن إذا جاءه تفرقةُ الأمر، ورآها أرجحَ من مصلحة الجمعيَّة، ولم يمكنه الجمعُ في التَّفرقة= اشترى الفاضلَ بالمفضول، والرّاجحَ بالمرجوح. فإذا كان المندوبُ مفضولًا مرجوحًا والجمعُ خيرًا منه اشتغلَ بالجمع عنه. فهذا أعلى الأقسام.

والرَّجلُ كلُّ الرَّجل (١): مَن يردُّ من تفرقته على جمعه، ومن جمعه على تفرقته، فيقوِّي كلَّ واحدٍ منهما بالآخر، ولا يلقي الحربَ بينهما. فإذا جاءت تفرقةُ الأمر جدَّ فيها وقام بها مُمِدًّا بها لجمعيَّته مقوِّيًا لها بالأمر، وإذا (٢) جاءت حالةُ الجمعيّة تقوَّى بها على تفرقة الأمر. فإذا تفرَّق تفرَّق لله ليجمعَه (٣) عليه. وإذا جاءت الجمعيّةُ قال: أجتمع لأتقوَّى على أمر الله ورضاه، لا لمجرَّدِ حظِّي ولذّتي من هذه الجمعيَّة؛ فما أكثرَ من يغيبُ بحظِّه منها ولذّتها ونعيمها وطيبها، عن مراد الله منه!

فتدبَّر هذا الفصلَ، وأحِطْ به علمًا، فإنّه من قواعد السُّلوك والمعرفة. وكم قد زلَّت فيه من أقدامٍ، وضلَّت فيه من أفهامٍ! ومَن عرَفَ ما عند النَّاس، أو نهضَ من مدينة طبعه إلى السَّير إلى الله، عرَفَ مقداره. فمَن عرَفه عرَفَ مجامعَ الطُّرق ومَفْرَقَ الطُّرق التي تفرَّقت بالسَّالكين وأهل العلم والنَّظر. والله الموفِّق للصَّواب.


(١) "كلُّ الرجل" ساقط من ج.
(٢) ما عدا ع: "فإذا".
(٣) في ع: "على تفرقة الأمر والبقاءِ به، فيرُدُّ من هذا على هذا، ومن هذا على هذا. فإذا جاءت تفرقة الأمر قال: أتفرَّق لله ليجمعني".

<<  <  ج: ص:  >  >>