للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وختم كلامه بقوله: «والمقصود: أنَّ هذا موضعٌ ضلَّت فيه أفهام، وزلَّت فيه أقدام، واشتبه فيه معيَّة العلم والقدرة والإحاطة بالقرب، واشتبه فيه آثار قرب المحبَّة والرِّضا والموافقة وغلبة ذكره ومراقبته بقرب ذاته، واشتبه فيه ما في الذِّهن بما في الخارج، واشتبه فيه اضمحلال شهود الرسم وانمحاؤه من القلب بعدمه وفنائه، واشتبه فيه آثار الصِّفات بحقيقتها، وأنوار المعرفة بأنوار الذات. وأصحابه لتحكيمهم الحال والذوق لا يلتفتون إلى لسان العلم، ولا يصغون إليه. وفي هذا كفاية».

الجدير بالذكر أن ابن القيم في ردِّه الطويل على كلام التلمساني (دون إشارة إليه) لم يذكر شيخ الإسلام الهروي، ولا اعتذر عنه، وكأنه بعد ما ذكر أن هذا التفسير هو مقصود الهروي- وهو تفسير التلمساني كما رأينا- أقبل بكليته على نقض كلام التلمساني. ونظن أن ابن القيم لو وقف على شرح الاسكندري لحمل كلام الهروي على تفسيره أو نحوه، ثم رد على تفسير التلمساني منوهًا بموقف الهروي من إثبات الصفات وأنه كان في ذلك سلفيًّا قحًّا، واستبعد أن يؤول الهروي صفة القرب، ورجَّح أن إجمال كلامه فتح الباب للملحد وحاشا أن يقصد الهروي ما قاله التلمساني.

وبالجملة، لا مقارنة بين شرح ابن القيم لكتاب المنازل وبين الشروح الأخرى لاختلاف كبير في الغرض والمنهج والمصادر وطريقة التناول كما رأينا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>