للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"العامّة" عندهم: مَن عدا أربابَ الجمع والفناء، وإن كانوا أهلَ سلوكٍ وإرادةٍ وعلمٍ. هذا مرادُهم بالعامَّة، ويسمُّونهم "أهل الفَرْق" ويسمِّيهم غلاتُهم "المحجوبين" (١).

ومراده: أنَّ توبتَهم مدخولةٌ عند الخواصِّ منقوصةٌ، فإنَّ توبتَهم تكون من استكثارهم ما (٢) يأتون به من الحسنات والطّاعات، أي رؤيتِهم كثرتَها، وذلك يتضمَّن ثلاثة (٣) مفاسد عند الخاصّة:

أحدها (٤): أنّ حسناتهم التي يأتون بها سيِّئاتٌ بالنِّسبة إلى مقام الخاصَّة، فإنَّ حَسَناتِ الأبرار سيِّئاتُ المقرّبين (٥)، فهم محتاجون إلى التَّوبة من هذه الحسنات. ولغفلتهم باستكثارها عن عيوبها ورؤيتها وملاحظتها هم جاحدون نعمةَ الله في سَتْرها عليهم وإمهالهم، كسَتْره على أهل الذُّنوب الظّاهرة وإمهالهم، فهم وأهلُ الذُّنوب الظاهرة تحت سَتْره وإمهاله، لكنَّ أهلَ الذُّنوب مقرُّون بستره وإمهاله، وهؤلاء جاحدون لذلك، لأنّهم قد توفّرت هممُهم على الاستكثار من الحسنات، دون مطالعةِ عيب النّفس والعمل والتّفتيشِ على دسائسها، وأنّ الحاملَ لهم على استكثارها رؤيتُها والإعجابُ بها؛ ولو تفرَّغوا لتفتيشها، ومحاسبةِ النّفس عليها، والتّمييزِ بين ما فيها من الحظِّ والحقِّ، لشغَلَهم ذلك عن استكثارها.


(١) ج، م، ش: "المحجوبون"، وكذا كان في ق، ل ثم أصلح.
(٢) ع: "لما".
(٣) كذا في النسخ بتأنيث العدد.
(٤) كذا في النسخ بدلًا من "إحداها".
(٥) انظر كلام شيخ الإسلام على هذه المقولة في "جامع الرسائل" (١/ ٢٥١ - ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>