للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامَّة.

المفسدة الثّانية: رؤيةُ فاعلها أنَّ له حقًّا على الله تعالى في مجازاته على تلك الحسنات بالجِنان والنَّعيم والرِّضوان. ولهذا كثرت في عينه، مع غفلته عن أنَّ أعماله ولو كانت أعمالَ الثَّقَلين لا تستقلُّ بدخول الجنَّة ولا بالنَّجاة من النّار، وأنّه لن ينجو أحدٌ البتّة من النَّار بعمله إلّا بعفو الله ورحمته.

الثّالثة: استشعارُهم الاستغناءَ عن مغفرة الله وعفوه، بما يشهدون من استحقاق المغفرة والثَّواب بحسناتهم وطاعاتهم؛ فإنَّ ظنَّهم أنَّ حصولَ النَّجاة والثَّواب بطاعتهم (١)، واستكثارَهم منها لذلك، وكثرتَها في عيونهم= إظهارٌ للاستغناء (٢) عن مغفرة الله وعفوه، وذلك عينُ الجبروت والتّوثُّب على الله تعالى.

ولا ريبَ أنَّ مجرَّدَ القيام بأعمال الجوارح، من غير حضورٍ ولا مراقبةٍ ولا إقبالٍ على الله، قد يتضمَّن تلك المفاسدَ الثّلَاثَ (٣) وغيرَها، مع أنّه قليلُ المنفعة كثيرُ المُؤْنة (٤)؛ فهو كالعمل على غير متابعة للآمِر (٥) ولا إخلاصٍ للمعبود، فإنَّه وإن كثُر متعِبٌ غيرُ مفيدٍ. فهكذا العملُ الخارجيُّ القُشُوريُّ بمنزلة النُّخَالة الكثيرةِ المنظَر القليلةِ الفائدة، وإنَّ الله لا يكتبُ للعبد من


(١) ع: "طاعاتهم".
(٢) ما عدا ع: "وإظهار الاستغناء".
(٣) ج، م, ش، ع: "الثلاثة" كما مرَّ من قبل. وكذا كان في ق، ل ثم أصلح.
(٤) بعده في ع زيادة: "دنيا وآخرة".
(٥) كذا بالمدَّة في ل، ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>