للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نصَّ أحمد على هذا في روايةٍ، فقال: ينبغي للعبد أن يتزوَّج إذا خاف على نفسه. ويستدينُ (١) ويتزوَّجُ، لا يقَعْ في محظورٍ فيحبطَ عملُه (٢).

فإذا استقرَّت قاعدةُ الشَّريعة: أنَّ مِن السّيِّئات ما يُحبِط الحسناتِ بالإجماع، ومنها ما يُحبِطها بالنَّصِّ، جاز أن تُحبِطَ سيِّئةُ المعاودة حسنةَ التَّوبة، فتصيرَ التَّوبةُ كأنَّها لم تكن، فيلتقي العملان ولا حاجزَ بينهما، فيكون التّأثيرُ لهما جميعًا.

قالوا: وقد دلَّ القرآنُ والسُّنَّةُ وإجماعُ السّلف على الموازنة، وفائدتُها اعتبار الرَّاجح، فيكون التّأثيرُ والعملُ له دون المرجوح. قال ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: يحاسَب النَّاسُ يوم القيامة، فمن كانت سيِّئاتُه أكثرَ من حسناته بواحدةٍ دخَلَ النّارَ، ومن كانت حسناتُه أكثرَ من سيِّئاته بواحدةٍ دخل الجنَّة. ثمَّ قرأ: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: ٨ - ٩]. ثمَّ قال: إنَّ الميزانَ يخِفُّ بمثقال حبَّةٍ أو يرجَحُ. قال: ومن استوت حسناته وسيِّئاته كان من أصحاب الأعراف (٣).


(١) ع: "فيستدين".
(٢) انظر نحوه في "كتاب الصلاة" للمصنف (ص ١١٠). ويظهر أنه يشير إلى ما نقله في "بدائع الفوائد" (٤/ ١٤١٥) من مسائل الفضل بن زياد القطان عن الإمام أحمد. والمسألة نفسها وردت في "مسائل صالح" (ص ٢٦٥). وفي "البدائع" (٤/ ١٤٠٦) مسألة أخرى تشبهها من مسائل الفضل أيضًا.
(٣) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (٢/ ١٢٣ - رواية أبي نعيم)، ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن أبي الدنيا (النهاية لابن كثير ٢/ ٣٤) والطبري في "تفسيره" (١٠/ ٢١٣). وفي سنده أبو بكر الهذلي، متروك. وقد روي عن غير واحد من السلف، ينظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ٢١٢ - ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>