للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا، فهل يُحبِطُ الرَّاجحُ المرجوحَ حتّى يجعله كأن لم يكن، أو يُحبِط ما قابله بالموازنة، ويبقى التّأثيرُ للقدر الزَّائد؟

فيه قولان للقائلين بالموازنة، ينبني عليهما أنّه (١) إذا كانت الحسناتُ أرجحَ من السّيِّئات بواحدةٍ مثلًا (٢)، فهل يدفع الرَّاجحُ المرجوحَ جملةً؟ فيثاب على الحسنات كلِّها، أو يسقط من الحسنات ما قابلَ السّيِّئاتِ فلا يثاب عليه، ولا يعاقَب على تلك السّيِّئات، فيبقى القدرُ الزّائدُ لا مقابلَ له، فيثابُ عليه وحده؟ وهذا (٣) الأصل فيه قولان لأصحاب الموازنة. وكذلك إذا رجحت السّيِّئاتُ بواحدةٍ، هل يدخل النَّارَ بتلك الواحدة التي سَلِمت عن مقابلٍ، أو بكلِّ السّيِّئاتِ التي رجحت؟ على القولين (٤).

هذا كلُّه على أصل أصحاب التَّعليل والحِكَم.

وأمّا على أصول الجبريّةِ نُفاةِ التَّعليل والحِكَم والأسباب واقتضائها للثَّواب والعقاب، فالأمرُ مردودٌ عندهم إلى محض المشيئة، من غير اعتبار شيءٍ من ذلك. ولا يدرى عندهم ما يفعل الله، بل يجوز عندهم أن يعاقِبَ صاحبَ الحسنات الرّاجحة، ويثيبَ صاحبَ السّيِّئات الرَّاجحة، ويُدخِلَ الرَّجلين النَّارَ مع استوائهما في العمل وأحدُهما في الدَّرك تحت الآخر، ويغفرَ


(١) لم يرد "أنه" في ل، ش، وهو مستدرك في هامش الأصل.
(٢) "مثلًا" ساقط من ش.
(٣) ع: "هذا" دون الواو قبلها.
(٤) وانظر: "طريق الهجرتين" (٢/ ٨٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>