للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها إعلامُه بذلك بعينه والتّحلُّل منه، أو إعلامه بأنّه نال (١) من عرضه ولا يشترط تعيينُه، أو لا يشترط لا هذا ولا هذا، بل يكفي في توبته أن يتوب بينه وبين الله تعالى من غير إعلام مَن قذفه واغتابه؟ على ثلاثة أقوالٍ. وعن أحمد - رضي الله عنه - روايتان منصوصتان في حدِّ القذف، هل يشترط في توبة القاذف إعلامُ المقذوف والتّحلُّل منه أم لا؟ ويخرَّج عليهما توبةُ المغتاب والشَّاتم. والمعروف من (٢) مذهب الشّافعيِّ وأبي حنيفة ومالكٍ: اشتراطُ الإعلام والتّحلُّل. هكذا ذكر أصحابُهم في كتبهم (٣).

والّذين اشترطوا ذلك احتجُّوا بأنَّ الذَّنبَ حقُّ آدميٍّ، فلا يسقط إلّا بإحلاله منه وإبرائه.

ثمَّ مَن لم يصحِّح البراءةَ من الحقِّ المجهول يشترط (٤) إعلامَه بعينه، لا سيَّما إذا كان مَن عليه الحقُّ عارفًا بقدره، فلا بدَّ من إعلام مستحقِّه به، لأنَّه قد لا تسمح نفسُه بالإبراء منه إذا عرف قدره.

واحتجُّوا بالحديث المذكور، وهو قوله: "من كان لأخيه عنده مظلمةٌ من مالٍ أو عرضٍ، فليتحلَّله اليومَ".

قالوا: ولأنّ في هذه الجناية حقَّين: حقًّا لله، وحقًّا لآدميٍّ، فالتَّوبةُ منها بتحلُّلِ الآدميِّ، والنَّدمِ فيما بينه وبين الله لأجل حقِّه.


(١) ع: "قد نال".
(٢) ع: "في".
(٣) وانظر: "الوابل الصيب" للمؤلف (ص ٣٨٩ - ٣٩٠)، و"المحرَّر" (ص ٦٥٢)، و"الأذكار" للنووي (ص ٣٢٦)، و"الآداب الشرعية" (١/ ٦٢).
(٤) ع: "شرَط".

<<  <  ج: ص:  >  >>