للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولهذا كانت توبةُ القاتل لا تتِمُّ إلّا بتمكين وليِّ الدَّم من نفسه إن شاء اقتصَّ وإن شاء عفا. وكذلك توبةُ قاطعِ الطَّريق.

والقول الآخر: أنّه لا يُشترَط الإعلامُ بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفي توبته بينه وبين الله، ويذكرُ المغتابَ والمقذوفَ في مواضع غيبته وقذفه بضدِّ ما ذكره به من الغيبة، فيبدِّلُ غيبتَه بمدحه والثّناء عليه وذكر محاسنه، وقذفَه بذكر عفّته وإحصانه، ويستغفر له بقدر ما اغتابه. وهذا اختيار شيخنا (١) قدَّس الله روحَه (٢).

واحتجَّ أصحابُ هذه المقالة بأنّ إعلامه مفسدةٌ محضةٌ لا تتضمَّن مصلحةً، فإنّه لا يزيده إلّا أذًى وحنقًا وغمًّا، وقد كان مستريحًا قبل سماعه، فإذا سمعه ربّما لم يصبر على حمله، وأورثَه ضررًا في نفسه أو بدنه (٣)، كما قال الشّاعر:

فإنَّ الذي يؤذيك منه سماعُه ... وإنَّ الذي قالوا وراءك لم يُقَلْ (٤)


(١) بعده في ع زيادة: "أبي العباس بن تيمية".
(٢) انظر: "الصارم المسلول" (ص ٤٩٣)، و"مجموع الفتاوى" (٣/ ٢٩١)، (١٨/ ١٨٩).
(٣) ش: "وبدنه".
(٤) في "أنساب الأشراف" (١١/ ١٨٤) أنَّ حضرمي بن عامر وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة وردت في "عيون الأخبار" (٢/ ١٨) ولكن الاسم فيه العلاء بن الحضرمي، مع ذكر ثلاثة أبيات ــ هذا أحدها ــ أنشدها النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكذا في "العقد" (٢/ ١٨٤)، و"معجم المرزباني" (ص ١٥٧). وقيل غير ذلك. انظر: ترجمة قيس بن الربيع في "الإصابة" (٩/ ١٠٠ - ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>