للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أوجب له ذلك المرضُ ضعفًا في القوَّة، وتداركه بمثل ما نقص من قوَّته، عاد إلى مثل ما كان. وإن تداركه بدون ما نقص من قوَّته عاد إلى دون ما كان عليه من القوَّة.

وفي هذين المثلين كفايةٌ لمن تدبَّرهما.

وقد ضُرِب لذلك (١) مثلٌ آخَرُ برجلٍ خرج من بيته يريد الصَّلاةَ في الصَّفِّ الأوّل، لا يَلوي على شيءٍ في طريقه، فعرَض له رجلٌ من خلفه جبَذ (٢) ثوبَه وأوقفه قليلًا، يريد تعويقَه عن الصَّلاة، فله معه حالان:

أحدهما: أن يشتغل به حتَّى تفوته الصَّلاةُ. فهذه حالُ غيرِ التّائب.

الثّانية: أن يجاذبَه على نفسه، ويتفلَّت منه، لئلَّا تفوتَه الصَّلاة. ثمّ له بعد هذا التّفلُّت ثلاثةُ أحوالٍ:

أحدها: أن يكون سيره جَمْزًا ووثوبًا (٣)، ليستدرك ما فاته بتلك الوقفة، فربَّما استدركه وزاد عليه.

الثّاني: أن يعود إلى مثل سيره.

الثّالث: أن تورثه تلك الوقفةُ فتورًا وتهاونًا، فيفوتَه فضيلةُ الصَّفِّ الأوّل، أو فضيلةُ الجماعة وأوّل الوقت.

فهكذا التائبُ (٤) سواءً.


(١) ع: "لك". وكذا كان في الأصل ثم أصلح.
(٢) ج، ش: "جذب"، وهما بمعنًى.
(٣) ع: "ووثبًا".
(٤) ع: "التائبين السائرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>