للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعملها، فيكون سعيُه في مدَّة المعصية لا له ولا عليه؛ فأين هذا السَّعيُ من سعي مَن هو كاسبٌ رابحٌ!

الرّابع: أنَّ الله يمقت على معاصيه ومخالفة أوامره، ففي مدّة اشتغال هذا بالذُّنوب كان حظُّه المقتَ، وحظُّ المطيع الرِّضا، فالله لم يزل عنه راضيًا، ولا ريب أنّ هذا خيرٌ ممَّن كان الله راضيًا عنه، فمقَتَه (١)، ثمَّ رضي عنه؛ فإنَّ الرِّضا المستمرَّ خيرٌ من الذي تخلَّلَه المقتُ.

الخامس: أنَّ الذَّنبَ بمنزلة شُرب السَّمِّ، والتَّوبةُ هي ترياقه ودواؤه، والطَّاعةُ هي الصِّحّة والعافية؛ وصحّةٌ وعافيةٌ مستمرّةٌ خيرٌ من صحّةٍ تخلَّلها مرضٌ وشربُ سمٍّ أفاق منه (٢).

السّادس: أنَّ العاصي على خطرٍ شديدٍ، فإنّه دائرٌ بين ثلاثة أشياء:

أحدُها: العطَب والهلاك بشرب السَّمِّ.

الثّاني: النُّقصان من القوّة وضعفها إن سلِمَ من الهلاك.

والثّالث: عودُ قوّته إليه كما كانت أو خيرًا منها.

والأكثرُ إنّما هو القسمان الأوّلان، ولعلَّ الثَّالثَ نادرٌ جدًّا. فهو على يقينٍ من ضرر السَّمِّ، وعلى رجاءٍ من حصول العافية؛ بخلاف من لم يتناول ذلك.

السّابع: أنَّ المطيعَ قد أحاط على بستان طاعته حائطًا حصينًا لا يجد


(١) ع: "ثم مقته".
(٢) بعده زيادة في ع: "وربَّما أدَّيا به إلى التَّلف أو المرض أبدًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>