للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدوُّ (١) إليه سبيلًا، فثمرتُه وزهرتُه ونضرتُه وبهجتُه في زيادةٍ ونموٍّ أبدًا. والعاصي قد فتَح فيه ثَغْرةً (٢)، ومكَّن منه السُّرَّاقَ والأعداءَ، فدخلوا فعاثوا فيه، وأفسدوا (٣)، وقطَّعوا ثمرته، وأحرقوا في نواحيه، وقطعَوا ماءه، أو نقَصوا سقيَه (٤)، فإذا تداركه قَيِّمُه ولمَّ شعَثَه، وأصلَح ما فسد منه، وفتَح طرقَ مائه، وعمَّر ما خَرِب منه؛ فإنّه إمَّا أن يعود كما كان، أو أنقصَ، أو خيرًا؛ ولكن لا يلحق بستانَ صاحبه الذي لم يزل على نضارته وحسنه، بل في زيادةٍ ونموٍّ (٥).

الثّامن: أنَّ طمعَ العدوِّ في هذا العاصي إنّما كان لضعفِ علمه وضعفِ عزيمته، ولذلك يسمّى جاهلًا. قال قتادة - رضي الله عنه -: أجمع (٦) أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنَّ كلَّ ما عُصي الله به فهو جهالةٌ (٧). وكذلك قال الله تعالى في حقِّ آدم عليه السلام: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥]. وقال في حقِّ غيره: {كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا} [الأحقاف: ٣٥]. وأمَّا من قويت عزيمتُه، وكمُل علمُه، وقوي إيمانُه= لم يطمع فيه عدوُّه، فكان (٨) أفضل.

التّاسع: أنَّ المعصيةَ لا بدَّ أن تؤثِّر أثرًا سيِّئًا، ولا بدَّ: إمَّا هلاكًا كلِّيًّا، وإمَّا


(١) ع: "العدى".
(٢) بعده في ع زيادة: "وثلم فيه ثلمةً".
(٣) ع: "فعاثوا فيه يمينًا وشمالًا، وأفسدوا أغصانه، وخرَّبوا حيطانه".
(٤) في ع بعده زيادة: "فمتى يرجع هذا إلى حاله الأول".
(٥) في ع زيادة: "وتضاعُفِ ثمرته وكثرةِ غرسه".
(٦) ق، ل، ج: "احتج"، تصحيف. وكذا كان في م ثم أصلح.
(٧) تقدَّم تخريجه.
(٨) ع: "وكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>