للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خسرانًا وعقابًا يعقبُه إمَّا (١) عفوٌ ودخولُ الجنّة، وإمّا نقصُ درجةٍ، وإمّا خمودُ مصباح الإيمان. وعملُ التوبة في رفع هذه الآثار والتَّكفير، وعملُ المطيع في الزِّيادة ورفعة الدّرجات.

ولهذا كان قيامُ اللَّيل نافلةً للنّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصّةً فإنَّه يعمل في زيادة الدَّرجات، وغيرُه يعمل في التكفير، وأين هذا من هذا؟

العاشر: أنَّ المقبلَ على الله له سيرٌ (٢) بجملة أعماله، وكلَّما ازدادت (٣) طاعاتُه وأعمالُه ازداد كسبُه بها وعظُمَ. وهو بمنزلة من سافر (٤)، فكسب عشرةَ أضعاف رأس ماله، فسافر ثانيًا برأسِ ماله الأوّل وكسبِه، فكسَب عشرةَ أضعافه أيضًا، فسافر ثالثًا أيضًا بهذا المال كلِّه، وكان ربحُه كذلك، وهلمَّ جرًّا. فإذا فتَر عن السَّفر في آخر أمره مرّةً واحدةً فاته من الرِّبح بقدر جميع ما ربح أو أكثرَ منه. وهذا معنى قول بعض العارفين (٥): لو أقبل عبدٌ على الله كذا وكذا سنةً ثمّ أعرض عنه لحظةً واحدةً كان ما فاته أكثرَ ممَّا حصل له (٦). وهو صحيحٌ بهذا المعنى، فإنّه قد فاته في مدّة الإعراض ربحُ تلك الأعمال


(١) "إمَّا" من ع.
(٢) ع: "المقبل على الله المطيع له يسيرُ".
(٣) ع: "زادت".
(٤) ما عدا ج: "يسافر".
(٥) ع: "قول الجنيد".
(٦) ع: "أقبل صادق على الله ألف عام ثم أعرض ... مما ناله". وقد نقله المؤلف في "الوابل الصيب" (ص ٨٩) كما أثبت من الأصل وغيره. وهو من كلام الجنيد كما في ع، وبلفظها أخرجه السلمي في "طبقات الصوفية" (ص ١٦١). وانظر: "حلية الأولياء" (١٠/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>