للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في صفة هذا التَّبديل، وهل هو في الدُّنيا، أو في الآخرة؟ على قولين (١):

فقال ابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - وأصحابُه: هو تبديلهم بقبائح أعمالهم محاسنَها، فبدَّلَهم بالشِّرك إيمانًا، وبالزِّنى عفّةً وإحصانًا، وبالكذب صدقًا، وبالخيانة أمانةً. فعلى هذا معنى الآية: أنَّ صفاتهم القبيحة وأعمالهم السّيِّئة، بُدِّلوا عوضها صفاتٍ جميلةً وأعمالًا صالحةً، كما يبدَّل المريضُ بالمرض صحّةً، والمبتلى ببلائه عافيةً.

وقال سعيد بن المسيِّب وغيره من التَّابعين: هو تبديلُ الله سيِّئاتهم التي عملوها بحسناتٍ يوم القيامة، فيعطيهم مكانَ كلِّ سيِّئةٍ حسنةً.

واحتجَّ أصحاب هذا القول بما روى التِّرمذيُّ في "جامعه" (٢): ثنا الحسين بن حُريثٍ، ثنا وكيعٌ، ثنا الأعمش، عن المعرور بن سُويدٍ، عن أبي


(١) انظر القولين في "تفسير البغوي" (٦/ ٩٧). وقد ذكر المصنف في "طريق الهجرتين" (٢/ ٥٣٤ - ٥٤٥) حجج القائلين بهما مع الفصل والترجيح.
(٢) أخرجه الترمذي بهذا السند وبهذا السياق في "الشمائل" (٢٣٠). أما "الجامع" فقد أخرجه فيه (٢٥٩٦) أيضًا بنحوه ولكن بسند آخر: "حدثنا هنَّاد قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش ... ". والمصنف صادر هنا عن "تفسير البغوي" الذي ساق الحديث بالسند المذكور، ولم يسمِّ كتاب الترمذي فظن المصنف أن المقصود هو "الجامع". والحديث أخرجه مسلم (١٩٠)، وإليه عزا المصنف في "طريق الهجرتين" (٢/ ٥٣٩)، و"حادي الأرواح" (٢/ ٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>