للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الظُّلمُ عند الله يوم القيامة ثلاثُ (١) دواوين: ديوانٌ لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشِّرك بالله، ثمّ قرأ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨]. وديوانٌ لا يترك الله منه شيئًا، وهو مظالمُ العباد بعضِهم بعضًا. وديوانٌ لا يعبأ الله به شيئًا، وهو ظلمُ العبدِ نفسَه بينه وبين ربِّه" (٢).

ومعلومٌ أنَّ هذا (٣) الدِّيوانَ مشتملٌ على الكبائر والصّغائر، لكنَّ مستحقَّه أكرمُ الأكرمين، وما يعفو عنه من حقِّه ويهبُه أضعافُ أضعافِ ما يستوفيه، فأمرُه أسهَلُ من الدِّيوان الذي لا يترك منه شيئًا لعدله وإيصال كلِّ حقٍّ إلى صاحبه.

وقال مالك بن مِغْوَلٍ: الكبائرُ ذنوبُ أهل البدع، والسّيِّئاتُ ذنوبُ أهل السُّنّة (٤).

قلتُ: يريد أنَّ البدعةَ من الكبائر، وأنّها أكبرُ من كبائر أهل السُّنَّة، فكبائرُ أهل السُّنَّة صغائرُ بالنِّسبة إلى البدع. وهذا معنى قول بعض السَّلَف: البدعةُ أحبُّ إلى إبليس من المعصية، لأنَّ البدعةَ لا يتاب منها، والمعصيةُ يتاب منها (٥).


(١) كذا بتذكير العدد.
(٢) ع: "وبين الله".
(٣) "هذا" ساقط من ش.
(٤) "تفسير البغوي" (٢/ ٢٠٣). ومالك بن مغول أبو عبد الله البجلي الكوفي من ثقات المحدثين وسادة العلماء. انظر: "سير أعلام النبلاء" (٧/ ١٧٤).
(٥) من كلام سفيان الثوري. أخرجه ابن الجعد في "مسنده" (١٨٨٥)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (٢٣٨)، وأبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>