للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالمين. وإذا انتُقِصَتْ (١) حرمةٌ من حرمات آلهتهم ومعبوديهم غضبوا غضبَ اللَّيثِ إذا حَرِب (٢). وإذا انتُهِكَتْ حرماتُ الله لم يغضبوا لها، بل إذا قام المنتهِكُ لها بإطعامهم شيئًا رضُوا عنه ولم تتنكَّر له قلوبهم!

وقد شاهدنا نحن وغيرنا هذا (٣) منهم جهرةً. ونرى أحدَهم قد اتّخذ ذكرَ إلهه ومعبوده من دون الله على لسانه إن قام وإن قعد، وإن عثَر، وإن مرِضَ، وإن استوحى (٤). فذكرُ إلهه ومعبوده من دون الله هو الغالبُ على قلبه ولسانه، وهو لا ينكر ذلك، ويزعم أنّه بابُ حاجته إلى الله، وشفيعُه عنده، ووسيلتُه إليه.

وهكذا كان عُبَّاد الأصنام سواءً، وهذا القدرُ هو الذي قام بقلوبهم، وتوارثَه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم. فأولئك كانت آلهتهم من الحجر وغيرُهم اتَّخذها من البشر.

قال تعالى حاكيًا عن أسلاف هؤلاء المشركين: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ


(١) ع: "انتهكت".
(٢) أي اشتدَّ غضبه. وضبطه بعضهم في الأصل بضم الحاء وتشديد الراء، وضبط في ع بضم الحاء. وفي ج: "حورب". وفي ش غيِّر إلى "حرد" بالدال، وهو بمعنى الغضب.
(٣) في ع وقع "هذا" قبل "نحن".
(٤) في المطبوع: "استوحش"، والصواب ما أثبت من جميع النسخ. واستوحى: استصرَخَ. في "طريق الهجرتين" (٢/ ٩١٥) عن عبَّاد الجنِّ: "كانوا يستوحونهم ويعوذون بهم". وفي "جامع المسائل" (٣/ ١٤٦): "يقول عند هجوم العدو عليه: يا سيِّدي فلان! يستوحيه ويستغيث به". وانظر: (٥/ ٢٢٨) و"مجموع الفتاوى" (١٨/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>