للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}. ثمَّ شهد عليهم بالكفر والكذب (١)، وأخبر أنّه لا يهديهم، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: ٣]. فهذه حالُ من اتَّخذ من دون الله وليًّا، يزعُم أنّه يقرِّبه إلى الله. وما أعزَّ من يخلُص من هذا! بل ما أعزَّ من لا يعادي مَن أنكره!

والّذي في قلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أنّ آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا عينُ الشِّرك. وقد أنكره الله عليهم (٢) في كتابه، وأبطله، وأخبر أنَّ الشَّفاعةَ كلَّها له، وأنّه لا يشفع عنده أحدٌ إلّا لمن أذن الله أن يشفع فيه ورضي قولَه وعملَه. وهم أهلُ التَّوحيد الذين لم يتّخذوا من دون الله شفعاء، فإنّه يأذن سبحانه في الشَّفاعة لهم لمن شاء (٣)، حيث لم يتَّخذوهم شفعاء من دونه، فيكون أسعدَ النّاس بشفاعة من يأذن الله له صاحبُ التَّوحيد الذي لم يتَّخذ شفيعًا من دون الله.

والشَّفاعةُ التي أثبتها الله ورسولُه هي الشَّفاعةُ الصَّادرةُ عن إذنه لمن وحَّده، والَّتي نفاها الله: الشَّفاعةُ الشِّركيّةُ التي في قلوب المشركين المتَّخذين من دون الله شفعاء، فيعامَلُون (٤) بنقيض قصدهم من شفاعتهم (٥)، ويفوز بها الموحِّدون.


(١) ع: "بالكذب والكفر" على ترتيبهما في الآية.
(٢) ع: "أنكر الله عليهم ذلك".
(٣) ع: "لمن شاء في الشفاعة لهم".
(٤) في الأصل، ع، ش: "فيعاملوا"، وكذا كان في ل، م فأصلح كما أثبت من ج.
(٥) ج: "حرمان شفاعتهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>