للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونواهيه، فقاموا عند ذلك حيارى في أودية التِّيه! لا ينتفع بسمعه السَّامعُ ولا يهتدي ببصَره البصيرُ، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢٠].

لهم علاماتٌ يُعرفَون بها مبيَّنةٌ في السُّنَّة والقرآن، باديةٌ لمن تدبَّرها من أهل بصائر الإيمان. قام بهم واللهِ الرِّياءُ وهو أقبحُ مقامٍ قامه الإنسان، وقعد بهم الكسلُ عمَّا أُمِروا به من أوامر الرَّحمن، فأصبح الإخلاصُ لذلك عليهم ثقيلًا، فإذا {قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ١٤٢].

أحدُهم كالشَّاة العائرة بين الغنَمين، تَعِيرُ (١) إلى هذه مرّةً وإلى هذه مرّةً، ولا يستقرُّ (٢) مع إحدى الفئتين، فهم واقفون بين الجمعين ينظرون أيُّهم أقوى وأعزُّ قبيلًا {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء: ١٤٣].

يتربَّصون الدَّوائرَ بأهل السُّنَّة والقرآن، فإن كان لهم فتحٌ من الله قالوا: إنَّا كنَّا في الباطن (٣) معكم؟ وأقسموا على ذلك بالله جَهْدَ الأيمانِ (٤). وإن كان


(١) ش: "تفرّ"، تصحيف. والعائرة: المترددة الحائرة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع. وهو لفظ حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في "صحيح مسلم" (٢٧٨٤).
(٢) كذا في الأصل يعني: أحدهم، وفي ل، ش، ع: "تستقر" يعني الشاة.
(٣) لم يرد "في الباطن" في ع. وفي ش: "البواطن".
(٤) هكذا في ل مصلحًا وهو مقتضى السجع، والفقرات كلها مسجوعة. وفي غيرها: "جهد أيمانهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>