للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبًا، وأضعَفُهم جَنانًا. فهم كالخشب المسنَّدة التي لا تمييز (١) لها، قد قُلِعَت من مغارسها فتساندت إلى حائطٍ يقيمها لئلَّا يطأها السّالكون. {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: ٤].

يؤخِّرون الصَّلاةَ عن وقتها الأوّل إلى شَرَقِ الموتى، فالصُّبحُ عند طلوع الشّمس، والعصرُ عند الغروب. وينقُرونها نقرَ الغراب، إذ هي صلاةُ الأبدان لا صلاةُ القلوب. ويلتفتون فيها التفاتَ (٢) الثَّعلب إذا تيقَّنَ أنّه مطرودٌ ومطلوبٌ. ولا يشهدون الجماعة، بل إن صلّى أحدُهم ففي البيت أو الدُّكّان. وإذا خاصَمَ فجَر، وإذا عاهَدَ غدَر، وإذا حدَّثَ كذَب، وإذا وعَد أخلَفَ، وإذا ائتُمِنَ خان (٣). هذه معاملتُهم للخلق، وتلك معاملتُهم للخالق (٤). فخذ وصفَهم من أوّل المطفِّفين، وآخر (والسَّماء والطَّارق) (٥)، فلا ينبِّئك عن أوصافهم مثلُ خبيرٍ، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: ٧٣].

فما أكثرهم! وهم الأقلُّون. وما أجبرهم! وهم الأذلُّون. وما أجهلهم!


(١) ع: "ثمر". وفي هامش الأصل بإزاء هذا السطر وما قبله وما بعده: "بلغ مقابلة وقراءة على مصنفه - رضي الله عنه - ".
(٢) ش: "تلفُّت".
(٣) كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عند البخاري (٣٤) ومسلم (٥٨).
(٤) ش: "للحق".
(٥) كذا في النسخ، وفي آخر سورة الطارق ذِكر وصف الكيد، والسياق يقتضي ذِكر تأخير الصلاة، فلعله أراد "سورة الماعون".

<<  <  ج: ص:  >  >>